منتديات الفطاحله

منتديات الفطاحله (http://www.ftahilah.com/index.php)
-   القصة والرواية والمقال (http://www.ftahilah.com/forumdisplay.php?f=411)
-   -   السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى محمود (http://www.ftahilah.com/showthread.php?t=36464)

صعبة المنال 13-06-2010 09:39 AM

السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى محمود
 
العذاب ليس له طبقة

الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.

و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط

و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.

و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.

و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.

و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.

و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.

و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.

فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.

إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.

و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.

و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.

و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات

و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.

و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم.

أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.

إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.

و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.

فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.

و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.

أما وراء الكواليس.

أما على مسرح القلوب.

أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.

و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.

أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.

فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.

داعي الشوق 13-06-2010 10:51 AM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
[center][size="5"][i][grade="00008b ff0000 008000 4b0082 000000"]

( و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية

برغم اختلال الموازين الظاهرية ) .



كلام جميل و كبير صعبة المنال

و لكن في هذا الوقت أصبح الحكم من الظاهر هو السائد للاسف ،


الف الف شكر لك صعووب

دائما قلمك يأتي بما هو جدير بالحديث عنه ،،

تسلمين [/grade][/i][/size][/center]

عبير الورد 13-06-2010 11:22 AM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
[size="5"][font="comic sans ms"]تسلم يمينك
ويعطيك العافية[/font][/size]

الطامي 13-06-2010 11:53 AM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.

و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.

فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.

و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم

:::::::::::::"""""""""""""""""""""""::::::::::::::::::::
صعبه
كلام جميل جدا
شكرا لكي على لطرح

زهرة اللوتس 14-06-2010 12:32 AM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
[font=comic sans ms][size=6][color=red][i]إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.
[/i][/color][/size][/font]
[font=comic sans ms][size=6][color=red][/color][/size][/font]
[font=comic sans ms][size=6][color=red][/color][/size][/font]
[font=comic sans ms][size=6][color=red][i]رائع نقلك صعوب[/i][/color][/size][/font]
[font=comic sans ms][size=6][color=red][i]تسلم يمينك[/i][/color][/size][/font]
[font=comic sans ms][size=6][color=red][i]ويعطيك العافيه[/i][/color][/size][/font]

نفحات حساسة 14-06-2010 12:50 PM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
[font=arial black][size=5][color=slategray]مقال رائع..[/color][/size][/font]
[font=arial black][size=5][color=slategray][/color][/size][/font]
[font=arial black][size=5][color=slategray]تسلمين.. ويسلم اختيارك[/color][/size][/font]

صعبة المنال 15-06-2010 09:01 AM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
[quote=داعي الشوق;942830][center][size="5"][i][grade="00008b ff0000 008000 4b0082 000000"]

( و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية

برغم اختلال الموازين الظاهرية ) .



كلام جميل و كبير صعبة المنال

و لكن في هذا الوقت أصبح الحكم من الظاهر هو السائد للاسف ،


الف الف شكر لك صعووب

دائما قلمك يأتي بما هو جدير بالحديث عنه ،،

تسلمين [/grade][/i][/size][/center][/quote]


سلمت

اشكر مرورك

صعوووب

صعبة المنال 15-06-2010 09:02 AM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
[quote=عبير الورد;942832][size="5"][font="comic sans ms"]تسلم يمينك
ويعطيك العافية[/font][/size][/quote]

الله يعافيك

صعوووب

همس الورد 15-06-2010 08:08 PM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
نقل رائع صعووووووووب

تحيتي

صعبة المنال 16-06-2010 07:56 PM

رد: السعادة والشقاءمقال للدكتور :مصطفى م
 
[quote=الطامي;942835]إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.

و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.

فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.

و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم

:::::::::::::"""""""""""""""""""""""::::::::::::::::::::
صعبه
كلام جميل جدا
شكرا لكي على لطرح[/quote]

شكرا ع المرور

صعووووووووووب


الساعة الآن 11:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات الفطاحلة