هو سليمان بن ناصر بن شريم شاعر علم من مشاهير الشعراء الذين ذاع صيتهم في جزيرة العرب . . . شاعر كبير ردد الناس أشعاره وتغنوا بها،أصله من قبيلة بني زيد القبيلة القحطانيّة المعروفة ولد ((سنة 1305هـ)) في عين ابن قنور التابعة للسر إحدى قرى القصيم وانتقل إلى عنيزه ، برز أول شبابه كشاعر حربي أجاد نظم القصائد الحربية نظراً للظروف التي كانت تسود جزيرة العرب وفي ذلك الحين فقد كانت الحالة الأمنية عير مستقرة . . . حروب ومعارك وغزوات بين القبائل من جهة وبين المدن من جهة أخرى . . . وهنا يأتي دور الشعراء الذين يبثون الحماس في نفوس المحاربين ويخلدون مواقف البطولة والانتصارات بشعرهم وكانت حياة شاعرنا سليمان بن شريم الأولى تسير على هذا المنهج يساند جماعته ويناصرهم شاعراً ومحارباً
ثم انتقل سليمان بن ناصر بن شريم إلى الكويت فقد كان له أقرباء يعيشون فيها فعمل بالكويت واستقر فيها . . . وبالكويت برز كشاعر كبير مجيد في كل معنى يعالجه بشعره فردد الناس أشعاره وأصبح ذكره في كل مكان وكانت ((القلطات)) جمع قلطه في أوج عظمتها بالكويت بذلك الوقت فتحول إلى النظم المرتجل وبرز بالقلطة كشاعر فحل يحسب حسابه كل شاعر يريد أن يبارزه ، ومن أبرز من ساجلهم صقر النصافي , ومرشد البذالي , وعبدالوهاب الفياض النجدي , وغيرهم ، وشكّل هو وشاعر الكويت الكبير صقر النصافي ثنائياً يكمل أحدهما الآخر ولا يطيب لجمهور القلطة الغفير إلاّ بوجود الشاعرين سليمان بن شريم وصقر النصافي ، وكان ابن شريم رحمه الله معاصرا وصديقا للشاعر الكبير عبدالله بن دويرج , وبينهما مساجلات جميلة , فيها ترميز عذب , وصور خلابة
وبعد بروزه بالكويت ومعرفة الناس له كشاعر كبير يحرصون على متابعته . . . أخذه الحنين إلى بلده فعاد لها واستقر بمدينة ((عنيزه)) بالقصيم وفي نهاية عمره حدثت بينه وبين بعض أصدقائه منافرة وتحدٍّ .. فضاقت نفسه وهم بالرحيل , فذهب إلى بريدة واستقر بها إلى أن توفاه الله وفيها توفي سنة (1363هـ) وعمره رحمه الله 58 سنه . . . ولو قدر الله له أن يعيش أطول لكان شأنه أعظم رغم أن المكانة التي وصل إليها لا يستهان بها أبداً إلاّ أن وفاته أوقفت مدّه الشعري الذي بدأ يجتاح جزيرة العرب كلها فهو الشاعر الذي ربط الشعر النبطي القديم بالحديث ووصل بين مرحلتين هامتين في مسيرة الشعر النبطي عير العصور ولكنه ببراعته وتمكنه استطاع المحافظة على مستوى الشعر النبطي الرفيع وجذب الناس إليه في تلك المرحلة وأعاد الاهتمام إليه من جديد
كان شاعر من شعراء الطبقة الأولى , وغزله فيه عذوبة ورقة .. وكثير من قصائده يرددها عشاق السامري .. وقد غُنّيت كثير من قصائده الغزلية , وأبرز من غنى له الفنان حمد الطيار , حيث ترنم بكثير من قصائده الجميلة , ولا شك أن اختياره لها تم بتوجيه من أصدقائه المقربين من أهل عنيزة الذين لهم إلمام واطلاع على عذب الشعر , وقدرة على تمييز جيده من رديئه .
شغل شعر ابن شريم الناس لفترات طويلة , حتى صار صيته في فترة من الفترات طاغيا على كل صيت .
وقد اهتم مدونو الشعر النبطي به وبشعره , فنشرت قصائده , وترجم له العديد من المهتمين , وله ديوان شعر مستقل , جمعه وحققه الأستاذ بندر الدوخي .
ولم تكن قصائد (( ابن شريم )) بالمستوى العادي أبداً بل كانت كلها تشكل عبقرية شاعر أحس بأهمية الكلمة وآمن بدورها فعرف كيف يوصلها إلى قلوب الناس فيحبونها ويتفاعلون ويتعاطفون معها وإذا استعرضنا أبيات من وصية سليمان بن شريم لولده عبدالعزيز هذه القصيدة المشهورة . . . نتعرف إلى أي حد وصل ابن شريم بمستواه كشاعر يعرف كيف يتعامل مع الكلمة كقوله
أما أنت لو تمشي على الجل صعلـوك=أطيب من اللي تلتجـي له ويجفـاك
خدمتك شيـخٍ كنـك العبـد مبـروك=يامـرك فيـها يشتـهي ثـم ينـهاك
وترى الملوك اليا صفـولك وحبـوك=أصغـر خدمهـم ينتقـم لك وينفـاك
واليا جفوك أهل الوظيفـة وعافـوك=خفـت موازينـك وكلـن تهقـواك
كنك سراجٍ بأوسط الحـوش شبـوك=واليا أنقضا اللازم حد الربـع طفـاك
وإلاّ كما ليمونـة الحمـض مصـوك=واليا فرغ منها الطعـم طوحـوا ذاك