أرى قلما متمكنا

قصيدتك جميلة جدا وخاصة في مقاطع منها

وأبــــث ُّ أشــواقـــي لــهـــا +++ قـــولا ً وبـالـدمـع ِ الـغـزيـر ْ
فـلـعـلّـهـا مــــــن نـــظـــرة ٍ+++ سـتـرق ّ ُ للقـلـب ِ الكسـيـر

فلقد صورت تلك الحالة التي يرجع القوي فيها ضعيفا, وهذا
الحالة العشقية أعدها مثالية, فالرجل يكون قائدا جبارا , أو فارسا
لا يشق له غبار, ولكنه يكون كالطفل الصغير إذا ارتمى بين يدي محبوبته
كما قال عنترة بن شداد
بكيت من البين المشت وإنني ++ صبور على طعن القنا لو علمتم
أو
أقاتل كل جبار عنيد ++ ويقتلني الفراق بلا قتال
وكنت جميلا في قولك
فـلــئــن ْ رآهـــــا حـــاكـــم ٌ +++ سـيـقـول ُ مـولاتــي غـديــرْ
ولــئـــن ْ رآهـــــا مــلــحــد ٌ+++ سيـقـول ُ سبـحـان َ القـديـر
فهذان البيتان يحكيان حالة لم تكن واردة, فالحاكم والملحد لم يرياها فعلا
فلقد خلقت الموقف من أصله, ثم بنيت عليه, وهذه هي وظيفة الشاعر
الحقيقية, فهو لا ينطلق من أشياء واقعية, إذ أن الشعر ليس رياضيات
ولا فيزياء, الشاعر الحقيقي هو من يخلق الموقف في كل مرة, وبذلك يكون
أوسع خيالا, إذ أنه من يخلق البداية ويوجد النهاية منها
بعبارة أخرى هو من يضع الشروط وهو من يعرف إجاباتها

ولكنني وأرجو ان لا تتحسس من كلماتي, فنحن هنا لنتبادل الآراء أصلا,
عندي ملاحظة صغيرة

والـوجـه ُ مصـبـاح ُ الـدجـى ++ منـه ُ استحـى البـدر ُ المنيـرْ
والــكــف ُّ كـــــف ٌّ نــاعـــم ٌ ++ والـشـعـر ملـمـسـه ُ حـريــرْ
وتـكـاد ُ مـــن غـنــج ٍ تـــذو بُ وإن ْ مشــت ْ فـــــاح َ العبير ْ

هذه التشابيه أصبحت دارجة وقد أنهكها الشعراء قبلي وقبلك
وبذلك لم يعد وقعها في النفس قويا , فاعتدنا على أن الوجه المنير
يخجل منه البدر كما قال الشاعر ماضي
بيضاء يبدو من ضياء بياضها ++ بدر الدجى منها بحمرة خاجل
وفي البيت بعده
قال نزار
حبيبتي إن يسألوك يوما ++ لما قصصت شعرك الحريرا
وفي ما بعده يقول الأعشي
إذا تقوم يضوغ المسك أسورة ++ والزنبق الورد من أردانها شمل
وغيرهم كثير
صحيح أن مقدورنا أننا جيل متأخر, ولكننا بالمقابل استفدنا من تجاربهم
والتاريخ أثبت أن الشعراء الكبار الذين حفظهم في صفحاته هم الذين
جددوا في كل ما كان قبلهم
ولهذا فحين تنظر لوجه حبيبتك فلن ترى البدر, وإلى شعرها لا ترى الحرير ,
عليك أن ترى أشياء أخرى لا تملكها باقي النساء, بعين أخرى لا يملكها إلا شاعرا

تقبل مروري

أخوك شوقي