عرض مشاركة واحدة
قديم 25-02-2013, 02:20 PM   رقم المشاركة : 17
بنت النور
عضو شرف
 الصورة الرمزية بنت النور





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :بنت النور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: أخترنالكم مجلة ثقافية تعلميه


" قِيَاسَاتُ الزَّمَنِ "


يَلْعَبُ الْوَقْتُ دَوْراً أَسَاسِيّاً مُؤَثِّراً فِي حَيَاتِنَا
فَنَحْنُ نَسْتَيْقِظُ وَنَبْدَأُ الْيَوْمَ فِي تَوُقِيتٍ مُعَيَّنٍ ، وَيُزَاوِلُ كُلُّ مِنَّا نَشَاطَهُ خِلَالَ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَيَخْلَدُ إِلَي الرَّاحَةِ والتَّرْويِحِ عَنِ النَّفْسِ في وَقْتٍ آخَرَ ، وإِذَا أَراَدَ السَّفَرَ رَجَعَ إِلَي جَدْوَلِ مَوَاعِيدِ الْقِطَارَاتِ أَوِ الطَّائِرَاتِ
حتى أعْضَاؤُنَا الدَّاخِلِيَّةُ في الْجِسْمِ ، تَتَحَرَّكُ بِفَتَراَتٍ زَمَنِيَّةٍ مُحَدَّدَةٍ تُمَثِّلُ إِيقَاعاً حَيَوِيّاً لِكُلِّ عُضْوٍ ، فَالْقَلْبُ يَضُخُّ الدَّمَ في أجْزَاءِ الْجِسْمِ بإِيِقَاعٍ خَاصًّ ، وتَسْتَقْبِلُ الرِّئَتَانِ الْهَوَاءَ في إِيقَاعٍ آخَرَ ، ونَنَامُ فَتَرَاتٍ مُعَيَّنَةً بإِيقَاعٍ ثَالِثٍ وهَكَذَا
كذلِكَ النَّبَاتُ فَمِنَ الزُّهُورِ مَا تَتَفَتَّحُ معَ شُرُوقِ الشَّمْسِ ، ومِنْهَا مَا تَتَفَتَّحُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ
والطُّيورُ تَقْطَعُ آلافَ الكِيلُومِتْرَاتٍ وتَنْتَقِلُ مِنْ قَارَّةٍ إلَي أُخْرَي في تَوْقيِتٍ مُحَدَّدٍ وعَلَي خَطِّ سَيْرٍ ثَابِتٍ
وَلاَ عَجَبَ إِذَا قِيسَتْ حَضَاَرةُ الشُّعُوبِ بِوَعْي الْأَفْراَدِ بالزَّمَنِ وقِيمَةِ الْوَقْتِ والمحافَظَةِ عَلَي الْمَواَقِيتِ بِتَنَاغُمٍ حَضَارِي مَعَ إيِقَاعَاتِ الزَّمَنِ الطَّبِيعِيَّةِ في الْكَوْنِ وَفي الْأَجْسَامِ
وفي هَذَا الْكِتَابِ " قِيَاسَاتُ الزَّمَنِ " نَسْتَعْرِضُ مَعاً مَفْهُومَ الزَّمِنَ وتَقْسِيمِهُ إلي أَوقْاَتٍ ، وَوِحْدَةَ قِيَاسِ الزَّمَنِ ، والمعَايِيرَ الطَّبِيعِيَّةَ لِقِيَاسِ الْأَوْقَاتِ وَحِسَابَ التَّوقْيِتَاتِ ، والوَسَائِلَ المُعِينَةَ علي ذَلِكَ ، وحَاجَةَ الإِنْسَانِ مَعَ تَقَدُّمِهِ الْحَضَارِي إلي تَقْسِيمِ الثَّانِيَةِ إلي أَقْسَامٍ مُتَنَاهِيَةٍ في الصِّغَرِ وَصَلَتْ إِلَي الفيتو ثَانِيَة


جميل علي حمدي







" الزَّمَنُ " و" الْوَقْتُ " و"التَّوْقيِتُ "

يُكوِّن الزمَنُ أحَدَ الأَركْاَنِ الأَسَاسِيَّةِ في مُثَلَّثِ العَلاَقَاتِ الطَّبَيعَيَّةِ (الفِيْزياَئِيَّةِ ) وهي : الزَّمَنُ والحركةُ والفَرَاغُ
ولَا يُفْهَمُ للزَّمَنِ مَعْني بدُونِ وجُودِ حَرَكَةٍ لِشَيء ما في الفَرَاغِ وقد يُمَثِّلُ الشيء المتَحَرِّكُ دَوَراَنَ الأرضِ حَولَ مِحْوَرِهَا بالنِّسْبَةِ للشَّمْسِ في الْفَضَاءِ أَو اْنتِقَالِ سَيَّارَةٍ من مَدينةٍ إلي أُخْرَي في الفَراَغِ المكَانِي بين المدينَتَيْنِ



و" الزَّمَنُ " يمثلُ اسْتمِْرَارِيّةً من الماضِي إلي المستقبلِ عَبْرَ الحاَضِرِ و" الْوَقْتُ " يمثل فترةً محدودةً من الزمنِ قد تَمَْتُّد إلي عصرٍ من ملايينِ السِّنِين آو لحْظَةٍ زَمَنِيَّةٍ يَسْتَغْرِقُهَا ضَوْءُ الْبَرقِْ
و" التَّوقيِتُ " يمثلُ علامةً في مَجْرَي الزمنِ يبدَأُ بها الْوَقْتُ مثلَ توقيتِ افْتِتَاحِ مَعْرَضٍ في سَاعَةٍ مُحَدَّدَةٍ ثم الوقتُ الذي يَقْضِيِه الزُّوارُ في مشَاهَدَةِ المْعَرْوُضَاتِ الذي قد يمتدُّ إلي ساعَتَيْنِ أو أَكْثَرَ
وِحْدَةُ قياسِ الزَّمَنِ وتَحُدِيدُ الْوَقْتِ والتَّوْقيِتِ
كانَ الفَرَنْسِيُّونَ في بدايةِ قيامِ الثورةِ الفرنسيةِ أولَ من أَثَارُوا مَسْأَلةَ قِياسِ الزمنِ بوِحْدَةٍ يَتَّفِقُ عليهَا الْجَمِيعُ . وكان ذلكَ بعد أَنْ وضعُوا النظامَ المِتْرِي لضَبْطِ قيَاسِ الأَطْوَالِ والأَبعْاَدِ بَوِجْهٍ عَامٍّ
واُّتفِقَ علَي تَقْدِيرِ الثَّانِيَةِ بالنِّسْبَةِ لمتَوَسِّطِ الْيَوْمِ الْفَلَكِي خِلاَلَ عَامٍ وَبِذَلِكَ تكونُ الثَّانِيَةُ جزءاً من 86400 جزءٍ من اليومِ الَفَلِكي المْتُوَسِّطِ
وِحْدَاتٌ أخْرَي لِقيِاَسِ الْوَقْتِ
اتَّخَذَ الإِنسَانُ اليومَ الشَّمْسِي من الحركةِ الظَّاهِرِيَّةِ للشمسِ ، دُونَ أَنْ يَدْري أنَّ الأرضَ هي التَّي تدُورُ حَوْلَ مِحْوَرِهَا مِقْياَساً لِلْيَوْمِ . وهو مَا نُسَمِّيهِ اليومَ الأرضِي بالنِّسْبَةِ للشَّمْسِ ، ويُقَدَّرُ وَقْتُهُ بمتوسِّطِ الْفَتْرَةِ الزَّمَنِيَّةِ التي تَمُرُّ عِنْدَمَا يَكُونُ ظِلُّ الْأَشْيَاءِ في أَقْصَرِ حَالاَتِهِ مَرَّتَيْنِ مُتَتَالِيَتَيْنِ خِلاَلَ الْعَامِ
واليَوْمُ قد يَطُولُ قليلاً أو يَقْصُرُ قليلاً لِعَدَمِ ثَبَاتِ انْتِظَامِ دَوَرَانِ الْأَرْضِ حَوْلَ مِحْوَرِهَا ، ولِذَا يُقَدَّرُ اليَوْمُ بمتَوسِّطِ أَطْواَلِه خِلاَلَ الْعَامِ






الَيْومُ النَّجْمِي:

يُقَدَّرُ وقتُ الْيَوْمِ النَّجْمِي باِلْوَقْتِ الْمُنْصَرِم بِينَ زَوَالَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ لأي نَجْمٍ في السَّمَاءِ . والمقْصُودُ " بالزَّواَلِ النَّجْمِي " التَّوقْيِتُ الذي يَكُونُ النَّجْمُ فِيهِ في أَعْلَي مَوْقِعٍ بالنَّسْبَةِ للرَّاصِدِ ومَسَارِهِ الظَّاهِرِي في السَّمَاءِ
والْيَوْمُ الأَرْضِي النَّجْمِي أقَصْرُ مِنَ الْيَوْمِ الْأَرضْي ِّالشِّمْسِي بنَحْوِ ثَلاَثِ دَقَائِقَ و56.58 ثَانِيَة . أَي بِنَحْوِ 4 دَقَائِقَ تَقْرِيباً
ويَبْلُغُ طولُ اليومِ النَّجْمِي 23 ساعةً 56 دقيقةً و4.0848 ثَانِيَةٍ

الْيَوْمُ الْقَمَرِي:

يَبْلُغُ طولُ الْيَوْمِ الْقَمَرِي بالنِّسْبَةِ للَّراصِدِ الْأَرْضِي 23 ساعةً و10 دَقَائِقَ و31.734 ثَانيةٍ ، أَي أَنَّ شُرُوقَ الْقَمَرِ يتَأَخَّرُ يَوْمِيّاً بمقدارِ 50 دقيقةً و28.266 ثانيةٍ

الشَّهْرُ الْقَمَرِي:

وَتَتَجَمَّعُ هَذِهِ الفُرُوقُ الزَّمَنِيَّةُ التَّي يَتَأَخَّرُهَا الْقَمَرُ طَوَالَ الشَّهْرِ الْقَمَرِي فَيُصْبِحُ مُتَوَسِّطُ الشَّهْرِ الْقَمَرِي 29 يوماً و12 ساعةً و44 دقيقةً وثَلاَثَ ثَوَانٍ . أي 29.53068 بحسابِ الكَسْرِ الْعَشْرِي
ويُحْسَبُ وَقْتُ الشَّهْرِ الْقَمَرِي بالفترةِ الزمنيةِ التي تُقَابِلُ دورةَ اقْتِرَانِ الْقَمَرِ معَ الْأَرْضِ والشَّمْسِ ، آي من توقيتِ مَحَاقٍ إلي الْمَحَاقِ التَّالِي
وإذَاَ زَادَ هذا التَّوقْيِتُ علي 29 يوماً ونِصْفِ يَوْمٍ اسْتُكْمِلَ إلي ثلَاثِينَ يَوْماً، وإذا نَقُصَ عَنْ ذلك أُنْقِصَ وقَتْهُ إلي 29 يوماً

السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ:

تُقَدَّر ُالسَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ بالْوَقْتِ ( الفَتْرَةِ الزَّمَنِيَّةِ ) التي تَسْتَغْرِقُهَا الأَرْضُ لِتَدُوَر دَوْرَةً كامِلَةً حَوْلَ الشَّمْسِ . وتُسَاوِي 365.242 يومٍ شمْسِي بمتُوَسِّطِ قَدْرُهُ 24 ساعةً في اليوم
وقد اتُّفِقَ علي آن تَشْتَمِلَ السَّنَةُ في كُلِّ ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ مُتَتَالِيَةٍ علي 365 يوماً ، ثم تَتْبَعُهَا سَنَةٌ رابِعَةٌ عَدَدُ أَياَّمِهَا 366 يوماً وهي السَّنَةُ الكَبِيسَةُ ، إلاَّ السَّنَوَاتُ الْقَرْنِيَّةُ مثلَ1900،2000فلا تُحْسَبُ سَنَةً كَبِيَسةً إِلاّ إِذَا كَاَنتْ تَقْبَلُ القِسْمَةَ علي 4



السَّنَةُ النَّجْمِيَّةُُ:

يُقَدَّرُ وَقْتُ السَّنَةِ النَّجْمِيَّةِ بالْفَتْرَةِ الزَّمَنِيَّةِ التَّي تَسْتَكْمِلُ فِيهَا الشَّمْسُ بِحَرَكَتِهَا الظَّاهِرِية دَوْرَةً كاَمِلَةً بالنِّسْبَةِ للنُّجُومِ الثَّابِتَةِ .. والسَّنَةُ النَّجْمِيَّةُ تُسَاوِي 365.2564 يَومٍ شَمْسِي مُتَوَسِّطُ عَدَدِ سَاعَاتِهِ 24 سَاعَةً

دَوْرَةُ النَّشَاطِ الشَّمْسِيُ:

يَبْلُغُ النَّشَاطُ الشَّمْسِي قِمَّتَهُ في دَوْرَةٍ تَسْتَغْرِقُ نَحْوَ 11 سنةً شَمْسِيَّةً ، ومن مَظَاهِرِ النَّشَاطِ الشَّمْسِي تَكُوُّن الكُلَفِ الشمسية أي الْبُقَعُ الشَّمْسِيَّة
والْبُقَعُ الشَّمْسِيَّةُ مَنَاطِقُ بَارِدةٌ بالنسبةِ لما حَوْلَها من سَطْحِ الشِّمْسِ
فإِذَا كَانَتْ درجَةُ حَرَارَةِ سَطْحِ الشمسِ تُقَدَّرُ بنحوِ 6000ْ م فإِنَّ دَرَجَةَ حَرَارةِ المْنِطَقةِ التي تَظْهَرُ كَبُقْعَةٍ سَوْدَاءَ علَي سطح الشَّمْسِ لاَ تَتَعَدَّي 4000ْم
وقد لُوحِظَ زِيَادَةُ عَدَدِ الْبُقَعِ الشَّمْسِيَّةِ في سَنَةِ ذِرْوَةِ النَّشَاطِ الشَّمْسِي مَصْحُوَبةً بِزِيَادَة ِعُنْفِ العَوَاصِفِ المِغْنَاطِيِسَّيِة المؤَثِّرَةِ علي الأَرْضِ ، ومنها ظَاهِرَةُ الشَّفَقِ الْقُطْبِي وهُوَ النُّورُ الذِي يَظْهَرُ في المنَاطِقِ الْقُطْبِيَّةِ لَيْلاً ويرتَبِطُ بالنشاطِ الشمسي وإِشْعَاعَاتِهَا



دَوْرَةُ الْمُبَاكَرَةِ:

نَتِيجَةً لاِنْبِعَاجِ الأَرْضِ وعدَمِ انْتِظَامِ كُرَوِيَّتِهَا وكِبَرِ مِحْوَرِهَا عِنْدَ خَطِّ الاِسْتِوَاءِ عن مِحْوَرِهَا بيْنَ القُطْبَيْنِ وتَأَثُّرِهَا بالأَجْرَامِ السَّمَاوِيَّةِ الأُخْرَي وخَاصَّةً الْقَمَرُ والشَّمْسُ ، فإِنَّها لا تُحَافِظُ علي وَضْعٍ ثابتٍ لِمِحْوَرَهِاَ في أثنْاَءِ دَوَرَانِهَا في الْفَضَاءِ . وتَسْلُكُ الأرضُ عِنْدَ دَوَرَانِهَا سُلُوكَ النَّحْلَةِ التَّي يَلْعَبُ بِهَا الأَطْفَالُ حَيْثُ يمِيلُ مِحْوَرُ دَوَرَانِهَا مُكَوِّناً مَخْرُوطَيْنِ مَرْكَزُ قِمَّتِهِمَا عندَ مَرْكَزِ الأرضِ وقَاعِدَتُهُمَا في الْفَضَاءِ أَعْلَي وأَسْفَلَ الأَرْضِ
وبالحِسَابِ الْفَلَكِيِّ تَبَيَّنَ أن مِحْوَرَ دَوَرَانِ الأرضِ يَكُوِّنُ هُو الآخرُ دَوْرَةً كَامِلَةً في الفَضَاءِ كل 26 ألْفَ سنةٍ تقريباً ونتيجةً لهذِه الظَّاهِرَةِ يتغيَّرُ النَّجْمُ الذي يُشِيرُ إِليْهِ المِحْوَرُ الشَّمَالِي ( مَثَلاً ) لِلأَرْضِ
وقد وُجِدَ بالحِسَابِ الْفَلَكِي أَيْضاً أنَّهُ في عَصْرِ بُنَاةِ الأَهْرَامِ لَمْ يَكُنْ في مَوْقِعِ " النَّجْمِ الْقُطْبِي " الْحَالِي وَلَكِنْ في مَوْقِعِ أَحَدِ نجُوُمِ مَجْمُوعَةِ التِّنِّينِ


وَسَائِلُ قِيَاسِ الْوَقْتِ وَتَحْدِيدُ التَّوْقِيتَاتِ



الْمِزْوَلَةُ ( أَو السَّاعةُ ) الشَّمِْسَّيةُ:

اسْتَغَلَّ قُدَمَاَءُ الِمْصْرِيّينَ ارْتِبَاطَ امْتِدَادِ الظِّلِّ وانْكِمَاشِهِ في أثْنَاءِ النَّهَارِ في تَحْدِيدِ الأَوْقَاتِ والتَّوْقيِتَاتِ بِأَنْ أقامُوا الْمَسَلاَّتِ عنْدَ مَدَاخِلِ الْمَعَابِدِ وبِدَاخِلِهَا واسْتَرْشَدُوا بِتَغُّيرِ طُولِ ظِلِّ المسَلَّةِ لِتَقْسِيمِ النَّهَارِ إلي فَتَراَتٍ زَمَنِيَّةٍ مُتَسَاوِيَةٍ
حيثُ قَسَّمُوا النَّهَارَ عَشْرَةَ أوقاتٍ / (سَاعاتٍ) أَضَافُوا إلَيْهَا ( ساعةً ) قبلَ شُرُوقِ الشِّمْسِ وسَاعَةً بَعْدَ غُرُوبِهَا فَيُصْبِحُ عَدَدُ أوقاتِ النَّهَارِ ( أَوْ سَاعَاتهِ ) اثْنَي عَشَرَ وَقْتاً ( أَوْ سَاعَةً )
وكَانت كُلُّ فترةٍ زمنيةٍ من فتراتِ النهارِ الاثْنَتَي عَشْرَةَ تَطُولُ مع اسْتِطَالَةِ الفَتْرَةِ الزَّمَنِيَّةِ للنَّهَارِ في الصَّيْفِ وتَقْصُرُ في الشِّتَاءِ
وظَهَرَتْ أَنْمَاطٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنَ المِزْوَلَةِ الشَّمْسِيَّةِ يَسْهُلُ حَمْلُهَا والانْتِقَالُ بِهَا مِنْ مَكَانٍ إلى آخَرَ



ومِنْ هَذِه الأَنْمَاطِ تلكَ المِزْوَلَةُ الشَّمْسِيَّةُ التي يَعْرِضُهَا مُتْحَفُ بِرْليِنَ في قِسْمِ الحضَارَةِ المصْرِيَّةِ القدِيمَةِ ، وتَتَرَكَّبُ من ذِراعٍ خَشَبِيةٍ طُولِيَّةٍ ، تَنْتَهِي عِنْدَ أَحَدِ طَرَفَيْهَا بِقَائِمٍ قصيرٍ يَحْمِلُ عَارِضَةً قصيرةً تَتَعَامَدُ مع الذراعِ الطويلةِ ، وتُوَجَّهُ هذِه المِزْوَلَةُ في الصَّباحِ في وَضْعِ شَرْقِ غَرْبٍ بحَيْثُ يَقَعُ ظِلُّ العَارِضَةِ القصيرةِ علي تدريجٍ بالذراعِ الطويلةِ وتَتَحَدَّدُ بذلكَ تَوْقيِتَاتُ فَتْرَةِ ما قَبْلَ الزَّواَلِ ( الظُّهْرِ ) وأَوْقَاتِهَا ، ثم تُدَارُ المِزْوَلَةُ لِتُصْبِحَ العَارِضَةُ نَاحِيَةَ الْغَرْبِ ويَسْقُطُ ظِلُّهَا علي تَدْرِيجَاتِ الذِّراَعِ الطويلةِ للتَّعَرُّفِ علي الْفَتَرَاتِ الزَّمَنِيَّةِ وتَوْقيِتَاتِ ما بَعْدَ الزَّواَلِ



كَذلِكَ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْهَرَمِ مِزْوَلَةً شَمْسِيَّةً كما يُمْكِنُ اعْتِبَارُ تغيُّرِ انْعِكَاسِ ضَوْءِ الشَّمْسِ علي أَسْطُحِهِ الأَرْبَعَةِ المقَابِلَةِ للجِهَاتِ الأصليةِ : الشَّمَالِ والجنوبِ والشرقِ والغربِ دلَاِلةً علي تغيُّرِ الفُصُولِ بِتَغَيُّرِ زَاوِيَةِ شُرُوقِ الشمسِ نتيجةً للحركةِ الظاهريةِ للشمسِ علي مَدَارِ الْعَامِ



السَّاعَةُ المَائِيَّةُ:

كانتِ السَّاعةُ المائيَّةُ نَقْلَةً حَضَارِيَّةً مُهِمَّةً بِاعْتِبَارِهَا وَسِيلَةً لِتَحْدِيدِ الْأَوْقَاتِ واْلمَوَاقِيتِ بدُونِ الاعْتِمَادِ علي حَرَكَةٍ فَلَكِيَّةٍ ، لأنهَا تَعْتَمِدُ عَلَي انْسِكَابِ الْمَاءِ خِلَالَ ثُقْبٍ ضَيِّقٍ بِقُوَّةِ الْجَاذِبِيَّةِ الأَرْضِيَّةِ
وتَتَرَكَّبُ السَّاعَةُ الْمَائِيَّةُ من إِنَاءٍ يُشْبِهُ " مَاجُورَ الْعَجِينِ " الرِّيفي الذي تُخَمِّرُ فيهِ الْفَلاَّحَةُ الْعَجِينَ وتُعِدُّهُ لِتَصْنَعَ مِنْهُ الْخُبْزَ ، ويُقَسَّمُ جِدَارُ الإِنَاءِ من الدَّاخِلِ بعَلاَماتٍ تُعَبِّرُ عن تَسَاقُطِ أَحْجَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ من الماءِ تُقَابِلُ فَتَرَاتٍ زَمَنِيَّةٍ مُتَسَاوِيَةٍ
وبتَقْسِيمِ " السَّاعَةِ الْمَائِيَّةِ " إلي 12 قِسْماً أصبَحَتْ أَدَاةً مَنْزِلِيَّةً لِتَعْيِينِ أَوْقَاتِ وَتَوْقِيتَاتِ اللِّيْلِ والنِّهَارِ عَلَي السَّوَاءِ
وأَصْبَحَت السَّاعَةُ المائِيَّةُ تَتَفَوَّقُ عَلَي الِمْزَولَةِ الشَّمْسِيَّةِ بأنَّهَا تُقَسِّمُ النَّهَارَ أقْسَاماً مُتَسَاوِيَةً ثَابِتَةً في الصَّيْفِ والشتاءِ ولا تَتَوَقَّفُ علي اخْتِلاَفِ طُولِ النَّهَارِ كمَا هُوَ الحالُ في السَّاعَةِ الشَّمْسِيَّةِ
وقد تَطَوَّرتَ السَّاعةُ المائِيةُ وأصبَحتْ تُؤَدِّي أَعْمَالاً مِيكَانِيكِيَّةً مِثْلَ السَّاعَةِ التي كَاَنتْ عِنْدَ الخَلِيفَةِ اْلَمأْمُونِ ، وتَجْعَلُ طُيُوراً آلِيَّةً تُغَرِّدُ مع حُلُولِ تَوْقيِتِ كُلِّ سَاعَمن



السَّاعَةُ الرَّمْلِيَّةُ:

لاَ تَخْتَلِفُ فِكْرَةُ السَّاعَةِ الرَّمْلِيَّةِ عَنِ الساعةِ المائيةِ مع استِبْدَالِ الرَّمْلِ النَّظِيفِ الْجَافِّ بِاْلَماءِ وتَتَرَكَّبُ الساعةُ الرمليةُ من إِنَاءَيْنِ من الزُّجَاجِ أَحَدُهُمَا علي هَيْئَةٍ قُمْعٍ مَعْدُولٍ يَعْلُو إِنَاءً آخَرَ علي هَيْئَةِ قُمْعٍ مَقْلُوبٍ ، ويتَّصِلُ الإِنَاءَانِ عَنْ طَرِيقِ فَتْحَةٍ ضَيِّقَةٍ يَنْسَابُ خِلاَلَها الرملُ من الإناءِ العُلْوِي إلي الإِنَاءِ السُّفْلِي في وَقْتٍ (فَتْرَةٍ زَمَنِيَّةٍ ) مُحَدَّد ٍ ثمَّ تُقْلَبُ الساعةُ ويُصبِحُ الإِناءُ السُّفْلِي الذي بِهِ الرِّمَالُ إِنَاءً عُلْوِيّاً وتَبْدَأُ السَّاعةُ عَمَلَهَا في حِسَابِ فَتْرةٍ زمنيةٍ أُخْرَي



السَّاعةُ المِيكَانِيكِيَّةُ:

كانَتْ نَقْلَةً حَضَارِيَّةً كَبِيَرةً عندمَا رَبَطَ الإِنْسَانُ حِسَابَ الأَوْقَاتِ والتَّوْقيِتَاتِ بِحَرَكَةِ بَنْدُولٍ يَهْتَزُّ يَمِيناً ويساراً ، وصَنَعَ ساعةً ذاتَ مُؤَشِّرٍ (عَقْرَبِ سَاعَاتٍ ) يَدُورُ فوقَ قُرْصٍ مُدَرَّجٍ ( مِينَاءِ السَّاعَةِ ) نَتِيجَةً لاِهْتِزَازِ بَنْدُولٍ اهْتِزَازاً مُنْتَظِماً فَيُحَرِّكُ مجموعةً من التُّرُوسِ تُحَرِّكُ المؤشِّرَ الْمَذْكُورَ
وكانت الْبِدَايَةُ في تجارِبِ الْعَـالِمِ المِصْرِي " ابنِ نَفِيسٍ " ( تُوُفي عَامَ 1009م ) فقد أَثْبَتَ أن زَمَنَ الذَّبْذَبَةِ الْوَاحِدَةِ للْبَنْدُولِ مِقْدَارٌ ثَابِتٌ يَتَوَقَّفُ علي طُولِ الْبَنْدُولِ ، وأنَّهُ بِاحْتِكَاكِ البِنْدُولِ بِالْهَوَاءِ تَقِلُّ سِعَةُ اهْتِزَازَتِهِ (آي تَقِلُّ أَقْصَي مَسَافَةٍ يَقْطَعُهَا يَمِيناً ويَسَاراً ، ولكنَّ زَمَنَ الذَّبْذَبَةِ يَظَلُّ ثَابِتاً مَادَامَ طُولُ البَنْدُولِ لَمْ يَتَغَيَّرْ
وبَعْدَ سِتَّةِ قُرُونٍ استَفَادَ " جَالِيلْيوُ " بِتَجَارِبِ " ابنِ نَفِيسٍ " وصمَّمَ عامَ 1637م ساعةً مِيكَانِيكِيَّةً " تتحركُ في تُرْسٍ " حركةً مُتَقَطِّعَةً علي فَتَراَتٍ زمنيةٍ متساويةٍ تحددِّهُاَ حَرَكَةُ بَنْدُولٍ ، وقد وَضَعَ هذا التَّصْمِيمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِقَلِيلٍ
وظَهَرت الساعاتُ الميكانيكيةُ الأولي مُعْتَمِدَةً علي بَنْدُولِ " ابن نَفِيسٍ" والتَّصْمِيمِ الذي وَضَعَهُ " جالِيلْيُو " للتَّحَكُّمِ بواسطةِ الحركةِ المنتَظِمَةِ للبَنْدُولِ في تحريكِ مجموعةِ تُرُوسٍ ليَدُورَ مُؤَشِّرٌ يُبَيِّن ُالتَّوْقيِتَ بالسَّاعَاتِ فَقَطْ
وَبقِي تَدِبيرُ الْقُوَّةِ المحرِّكَةِ للساعةِ
وهُنا جَاءت الاسْتِفَادَةُ بتَطْبِيقِ اسْتِغْلاَلِ الْعَرَبِ قُوَّةَ الجاَذِبيَّةِ الأرضيةِ في إدارةِ مِحْوَرِ ورَفْعِ سَطْلٍ مَمْلُوءٍ بالمَاءِ من بِئْرِ بَعْمَلُ شيئاً مُماثِلاً لإِدَارَةِ الساعةِ فبدأت الساعَةُ الميكانيكيةُ بِبَنْدُولٍ يتحركُ حركةً مُنْتَظِمَةً فيُنَظِّمُ حَرَكَةَ مَجْمُوعَةٍ من التُّروُسِ تتحَرَّكُ بِقُوَّةِ الجاذبيةِ الأرضيةِ علي ثِقَلٍ مَرْبُوطٍ في خيطٍ مَلْفُوفٍ حَوْلَ مِحْوَرٍ يَدُورُ مع جَذْبِ الْأَرْضِ للِثِّقَلِ



وتُدِيرُ التُّرُوسُ مُؤَشِّرَ ساعاتٍ كما يَجْعَلُ جَرَسَاً يَدُقُّ كُلَّمَا مَرَّتُ سَاعَةٌ مِنَ الزَّمَانِ
ثم تَطَوَّرَت السَّاعَاتُ البَنْدُولِيَّةُ باخْتِرَاعِ الزُّنْبُرُكِ الصُّلْبِ (زَنْبلَكِ) ، واسْتِعْمَالِهِ كأدَاةٍ لحِفْظِ الطَّاقَةِ الميكَانِيكِيَّةِ النَّاشِئَةِ عن إِحْكَامِ لَيِّهِ بِمِفْتَاحٍ خَاصًّ ( كما يَحْدُثُ في لُعَبِ الأَطْفَالِ ) ثُمَّ إطلاقِ هذه الطاقَةِ لِتَحْرِيكِ بَنْدُولِ الساعةِ وتُرُوسِهَا . واخْتَفي الثِّقَلُ الذي يُحَرِّكُ السَّاعَةَ بِقُوَّةِ الجَاذِبِيَّةِ الأرضِيَّةِ
وسَجَّلَ الْهُولَنْدِي " كِرِيسْتِيَانْ هِيجِنْزْ " بَرَاءَةَ اخْتِرَاعٍ لِسَاعَةٍ بَنْدُوِلِيَّةٍ جَدِيَدةٍ عَامَ 1657م تَعْمَلُ بالزُّنْبُرُكِ الصُّلْبِ

تَحْدِيدُ خُطُوطِ الطُّولِ بالسَّاعَةِ الميكَانِيكِيَّةِ:

وَجَدَ البَحَّارَةُ في السَّاعةِ التي يُنَظِّمُ حَرَكَتَها البَنْدُولُ أَحْدَثَ وَسِيلَةٍ مِيكَانِيكِيَّةٍ لِتَحْدِيدِ مَوْقِعِ السِّفِينَةِ في عُرْضِ الْبَحْرِ
فالمَعْروفُ جُغْرَافِيّاً أنَّ أي مَوْقِعٍ علي سَطْحِ اْلأَرْضِ يَتَحَدَّدُ بنُقْطَةِ قَاطِعِ خَطَّي الطُّولِ والعَرْضِ المارَّيْنِ بالَمْوقِعِ
ولم تَكُنْ هناكَ صُعُوَبةٌ أمامَ قُبَّطَانِ السَّفِينَة لِتَحْدِيدِ مَوْقِعِهِ بالنِّسْبَةِ لِخُطُوطِ الْعَرْضِ . فمُُنْذُ الْقِدَمِ عَرَفَ الإِنْسَانُ أنَّ ارتْفِاَعَ الشَّمْسِ في تَوْقِيتٍ مُحَدَّدٍ عندَ الزَّوَالِ (الظُّهْرِ) يَتَغَيَّرُ بتَغَيُّرِ الفُصُولِ ، كما يَتَغَيَّرُ أيضاً بانْتِقَالِ الرَّاصِدِ شَمالاً أو جنوباً
أي مَعَ تَغْيِيرِ مَوْقِعِه بالنَّسْبَةِ لِخُطُوطِ الْعَرْضِ شمالا أو جنوبا . وكذلكَ الحالُ بالنِّسْبَةِ للنَّجْمِ القُطْبِي لَيْلاً وتُعْتَبَرُ زَاوِيَةُ ارْتِفَاعِ الشِّمْسِ وَقْتَ الزَّواَلِ يَوْمَي الاعْتِدَالِ الرِّبيِعِي والْخَرِيفي دَاَّلةً علي خَطِّ الْعَرْضِ الْوَاقِفِ عليهِ الرَّاصِدُ ، أما بالنِّسْبَةِ للنَّجْمِ القُطْبِي فَلِبُعْدِهِ الشَّاسِعِ تُعْتَبَرُ زَاوِيةُ ارْتِفَاعِهِ في أي لَيْلَةٍ من لَيَالِي الْعَامِ دَالَّةً علي خَطِّ الْعَرْضِ الواقِفِ عليه الرَّاصِد
وأصبَحَ في اسْتِطَاعَةِ الْبَحَّارَةِ في القَرْنِ السَّابِعَ عَشَرَ - علي أَكْثَرِ تَقْدِيرٍ - تَعْيِينُ خَطِّ الْعَرْضِ حتى جُزْءٍ من الدَّرَجَةِ بِرَصْدِ النَّجْمِ القُطْبِي لَيْلاً
أمَّا بالنَّسْبَةِ لِتَعْيِينِ خطِّ الطولِ بموقعِ السفينةِ فقد ظلَّ أمرْاً صعباً فحَتَّي قبلَ ظهورِ ساعةِ " هِيجِنْز " كان تعيينُ خطِّ الطولِ يعتمدُ علي الْحَدْسِ والتَّخْمِينِ لِعَدَمِ وُجودِ معالِمَ جُغْرَاِفِيّةٍ بارزةٍ في عُرْضِ الْبَحْرِ ، مما جَعَلَ قُبُّطَانَ السَّفِينَةِ في أَحْوَالٍ كَثِيرةٍ يَلْجَأُ إلي أَقْرَبِ شاطئ إِذَا الْتَبَسَ عليهِ الْأَمْرُ
ثُمَّ حاوَلَ الْبَحَّارَةُ الاسْتِفَادَةَ من سَاعَةِ " هيجِنْز " في تَحْدِيدِ خَطِّ الطُّولِ علي النَّحْوِ التَّالِي : فَمِنَ الْمَعْرُوفِ أَنَّ الدائرةَ تَشْمَلُ 360 درجةَ زَاوِيَةٍ ، وكذلكَ الْكُرَةُ الَأْرضِيَّةُ تُقَسَّمُ طُولِيَّا إلي 360 خَطَّا تُقَاِبلُ 360ْ زَاويِة
ومع دَوَرَانِ الأرضِ حولَ ِمِحْوَرِهَا بالنِّسْبَةِ للشمسِ دَوْرَةً كَامِلَهً خِلاَلَ 24 ساعةً فإنَّهَا تَدُورُ في كل سَاعَةٍ وَاحِداً علي 15 من دَوْرَتِهَا الكامِلَةِ (15* 24 = 360) فإذا أَبْحَرَتْ سَفِيَنةٌ من مِينَاءِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ علي خَطِّ عَرْضِ 30 شرقاً تقريباً واتَّجَهَتْ غَرْباً وَوصَلَتْ إِلي مَوْقِعٍ في عُرْضِ الْبَحْرِ تُشْرِقُ الشِّمْسُ فِيهِ مُتَأَخِّرَةً عن تَوْقيِتِ شُرُوقِهَا في الإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِمِقْدَارِ سَاعَتَيْنِ ، فإنَّهَا تَكُونُ وَاقِعَةً علي خَطِّ عَرْضِ صِفْرِ ، وإذا زَادَ فَرْقُ توقيتِ شُرُوقِ الشَّمْسِ إلي ثَلاَثِ سَاعَاتٍ مَثَلاً فإنَّ السَّفِينَةَ تَكُونُ علَي خَطِّ عرضِ 15ْ غرباً



وتَطْبِيقاً لهذهِ القاعِدَةِ كان قُبُّطَانُ السَّفِيَنةِ يَحْمِلُ معَهُ ساعةً مَضْبُوطةً علي تَوقِيتَاتِ الْمِينَاءِ التي يُبْحِرُ مِنْهَا ، وبِمَعْرِفَةِ فَرْقِ تَوْقِيتِ الزَّوَالِ مثلاً بينَ تَوْقِيتِ مِينَاءِ الْمُغَادَرَةِ والتَّوقْيِتِ الْمَحَلِّي بِمَدَدِ خَطِّ الطُّولِ الْمَارِّ بِمَوْقِعِ السَّفِيَنةِ
وَأَوْضَحَ أَنَّ دِقَّةَ تَحْدِيدِ خَطِّ الطُّولِ بهذِه الطَّرِيقَةِ تَعْتَمِدُ علي دِقَّةِ انْتِظَامِ بَنْدُولِ السَّاعَةِ ، التي أصْبَحَتْ مَسْأَلةَ حَيَاةٍ أَوْ مَوْتٍ
ولم تَكُن سَاعَةُ " كِرِيسْتِيَان هِيجِنْز " تَحْتَفِظُ بِدِقَّةِ التَّوْقِيتِ في الْبَحْرِ فَبِجَانِبِ تَمَدُّدِ البَنْدُولِ بالْحَرَارَةِ وانْكِمَاشِهِ بالْبُرُودَةِ وتَأَثُّرِهِ بالرُّطُوبَةِ والْجَفَافِ ، فإنَّ تَأَرْجُحَ السَّفِينَةِ ومَيْلَهَا يَمِيناً ويَسَاراً في أَثْنَاءِ سَيْرِهَا وَسَطَ الْأَمْوَاجِ يَجْعَلُ الْبَنْدُولَ لا يَحْتَفِظُ بِوَضْعِهِ الطَّبِيعِي ويُبْطِيءُ حَرَكَةَ التُّروُسِ ومُؤَشِّرَ السَّاعَاتِ ، كما أنَّ تَعَرُّضَ السَّفِيَنةِ لِهِزَّةٍ عَنِيَفةٍ قَدْ يَدْفَعُ الْبَنْدُولَ إلي الاصْطِدَامِ بِصُنْدُوقِ السَّاعَةِ ورُبَّمَا تََوَقُّفَهُ عن الْحَرَكَةِ حتى يَتَصَادَفَ وتَهْتَزُّ السَّفِيَنةُ هِزَّهً عَنِيفَةً أُخْرَي في الاتِّجَاهِ الْمُضَادِّ فَيَسْتَأْنِفُ الْبَنْدُولُ حَرَكَتَهُ وَيَتَحَّركُ مُؤَشِّرَ السِّاعَاتِ مُتَأَخِّراً عنِ الوَضْعِ الطَّبِيِعي
وتَبَيَّنَتْ خُطُوَرةُ الاْعتِمَادِ عَلَي سَاعَةٍ لاتُحَافِظُ علي دِقَّةِ التَّوْقِيتِ إِثْرَ حَادِثٍ لِأُسْطُولٍ بِريِطَانِي فُقِدَ علي أَثَرِهِ أَرْبَعُ سُفُنٍ وَأَلْفَا بَحَّارٍ
وَقَدْ أَثَارَ الْحَادِثُ الْحُكُوَمةَ الْبِريِطَانِيَّةَ إلي أَنْ أَعْلَنَتْ عَامَ 1714م عن جَائِزَةٍ مِقْدَارُهَا 20 ألفَ جُنَيْهٍ إسْتِرْلِيِنٍّي ، تُمَثِّلُ ثَرْوَةً هَائِلةً في ذلكَ الْوَقْتِ ، لِمَنْ يَخْتَرِعُ وَسِيَلهً لِتَحْدِيدِ خَطِّ الطُّولِ بِدِقَّةٍ لا تَتَعَدَّي نِصْفَ دَرَجَةٍ
ونَالَ هذِهِ الْجَائِزَةَ الْبِرِيطَانِي " جُوْن هَارِيسُوْن " بَعْدَ عِدَّةِ تَجَارِبَ وتَنْفِيذِ 4 سَاعَاتٍ تَجْرِيبِيَّةٍ. وكانَ الْجَديِدُ في اخْتِرَاع " هَارِيسُونْ " أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ مَعْدِنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِتَصْمِيمٍ مُبْتَكَرٍ في صُنْعِ الْبَنْدُولِ بِحَيْثُ إِذَا تَمَّددَ أَحَدُهُمَا وسَبَّبَ اسْتِطَالَةِ الْبَنْدُولِ يَتَمَدَّدُ الْمَعِدنُ الآخَرُ في الاتِّجَاهِ الْمُضَادِّ ويُعِيدُ الْبَنْدُولِ إلي طُولِهِ الْأَصْلِي ، كَمَا عَالَجَ مَوْضُوعَ احْتِمَالِ تَعْلِيقِ حَرَكَةِ الْبَنْدُولِ مَعَ اهْتِزَازِ السَّفِيَنةِ
وَأَطْلَقَ " هَارِيسُونْ " علَي السَّاعَةِ الْجَدِيدَةِ " الكُرُوتُومِتْر " وأصْبَحَتْ تُبَيِّنُ الْوَقْتَ بالسَّاعَاتِ وأَجْزَاءِ السَّاعَةِ - الدَّقَائِقِ
:السَّاعَةُ الإِلِكْتُرُونِيَّةُ
وفي تَطَوُّرٍ آخرَ اسْتُبْدِلَت الطَّاقَةُ الكَهْرَبَائِيَّةُ بالطَّاقَةِ الِميكَانِيكِيَّةِ في تَشْغِيلِ الساعةِ الميكَانِيكِيَّة وأُطْلِقَ عليهَا السَّاعةُ الإِلِكْتُرُونِيَّةُ
وهُناكَ نَوْعانِ من السَّاعاتِ الإِلِكْتُرُونِيَّ
ِ
* نَوْعٌ يَعْتَمِدُ علي تَنْظِيمِ ودِقَّةِ حَرَكَةِ السَّاعَةِ علي حَرَكَةِ شَوْكَةٍ َرَنَّانَةٍ كالْمُسْتَخْدَمَةِ في مَعَامِلِ الصَّوْت ِ، وهِي شَوْكَةٌ ذَاتُ فَرْعَيْنِ دَقِيقَيْنِ جِدًّا وتهتَزُّ بذَبْذَبَةٍ ثَابِتَةٍ . وبَلَغَتْ دِقَّةُ السَّاعَةِ الإِلِكْتُرُونِيَّةِ الْمُزَّوَدةِ بِشَوْكَةٍ رَنَّانَةٍ إلي حُدُودِ ثَانِيَتَيْنِ في الْيَوْمِ



* أمّا النَّوْعُ الآخرُ من السَّاعَاتِ الإِلِكْتُرُونِيَّةِ فَيَعْتَمِدُ في تَشْغِيلِةِ وضَبْطِهِ علي خَاصِّيَّةِ التَّذَبْذُبِ الطَّبِيعِي لِبَلْورَةَ الْكُوَارْتِزِ النَّقِي
والْكُوَارْتْزِ صَخْرٌ يُوجَدُ في الطَّبِيعَةِ كَمُرَكَّبٍ من السِّلِيكُونْ والأُكْسُجِين ( ثَانِي أُكْسِيدِ السِّلِيكُونْ ) والصُّوَرةُ الْمُبْتَكَرَةُ منهُ شَفَّافَةٌ نَقِيَّةٌ عَدِيَمةُ الَّلوْنِ
وتَهْتَزُّ بِلُّورَةُ الْكُوَارْتِز بِذَبْذَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ إِذَا تَعَرَّضَتْ لمِجَاَلٍ كَهْرَباَئِي مُتَغَيِّرٍ بِدَرَجَةٍ تَتَّفِقُ مَعَ الذَّبْذَبَةِ الطَّبِيعِيَّةِ لِبَلْوَرةَ الْكُوَارْتِزْ
وتَتَفَوَّقُ السَّاعَةُ الْكَوَارْتِزْ عَلي السَّاعَةِ الْمُزَوَّدَةِ بِشَوْكَةٍ رَنَّانَةٍ مِنْ حَيْثُ الدِّقَّةُ . حَيْثُ تَصِلُ دِقَّةُ سَاعَةِ الْكُوَارْتِزْ إلي وَاحِد ٍعَلَي أَلْفٍ من الثَّانِيَةِ في الْيَوْمِ



السَّاعَةُ الذَّرِّية:

"الذَّرَّاتُ" الْمُفْرَدَةُ والْمُجْتَمِعَهُ في "جُزَيْئَاتٍ" يُمْكِنُهَا أَنْ تُمِدَّنَا بِذَبْذَبَاتٍ َثابِتَةٍ مِثْلَ الْبَنْدُولِ والشَّوْكَةِ الرَّنَّانَةِ ، وبِلُّوَرةِ الْكُوَاْرتِزْ .. وَلَكِنْ بِدِقَّةٍ أَعْلَي وَبِالتَّحَكُّمِ في إِحْدَاثِ تَغْيِيرٍ مُعَيَّنٍ في شَكْلِ الذَّرَّةِ أو الْجُزَيءِ فَإِنَّ الذَّرَّةَ أو الْجُزَيءَ يَمْتَصُ أو يُشِعُّ إِشْعَاعَاتٍ مَنْظُوَرةٍ كَاْلأَشِعَّةِ الضَّوْئِيَّةِ وأخرَي غَيْرَ مَنْظُورَةٍ مِثْلَ الأشعة السِّيِنَّيةِ .. وسواءً كَانَت الأَشِعَّةُ منَظْوُرَةً أَوْ غَيْرَ مَنْظُوَرةٍ فإنَّ كلَّ نَوْعٍ منها يَنْطَلِقُ بَذْبَذبَةٍ مُعَيَّنةٍ
وَوَقَعَ أولُ اخْتِيَارٍ لصُنْعِ سَاعَةٍ ذَرِّيَّةِ علي غَازِ النُّوِشَادِرِ معَ بِلُّوَرةِ الْكُوَارْتِزْ. وأصبَحَ في مَقْدُورِ سَاعَةِ النُّوشَادِرِ مع الْكُوَارْتِز ألاَّ يتجاوَزَ الخَطَأُ فِيهَا وَاحِداً عَلَي مِائَةِ مِلْيُونِ جُزْءٍ منَ الثَّانِيَةِ
وفي تَطَوُّرٍ آخرَ اسْتُخْدِمَتْ مَادَّةُ السِّزْيُوم بَدَلاً من النُّوشَادِرِ وَوَصَلَتْ دِقَّةُ السَّاعَةِ إلي واحِدٍ علَي عَشَرةِ آلاَفِ مِلْيُونِ جُزْءٍ من الثَّانِيَةِ
وأفَادَت السَّاعَةُ الذَّرِّيَّةُ في ضَبْطِ السَّاعَاتِ الْكُوَارْتِز وَغَيْرِها







توقيع بنت النور
 
  رد مع اقتباس