عرض مشاركة واحدة
قديم 16-10-2009, 01:36 AM   رقم المشاركة : 1
جميل العرباتي
شاعر





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :جميل العرباتي غير متواجد حالياً

 

افتراضي ذكريات من الماضي


ذكريات من الماضي
..........

أخوتي اسمحوا لي أن احلق معكم في سماء الذكريات، الممزوجة
بعبق الأجداد، وندور معا حول
الأقمار؛ لنستذكر معا ،بصمات تركها الأجداد نقشت حروفها ونسجت
من ذهب، فوق جدران الحياة، وعلى
صفحات تاريخنا ،حفرت داخل قلوبنا ، لن تندثر مهما عصفت بها رياح
الزمن وغطتها غبار السنين ، سوف
تبقى تتناقل جمالها الأجيال؛ لما تحمل في طياتها من حكم ومعان
سامية يغلفها الصدق، والمحبة،
والحنان، والأيمان هي : نبع لا ينضب نرتوي منه النصح والإرشاد، وسوف
تبقى تتدفق تلك الحروف بالشرايين، و تمتزج
بنبض قلوبنا التي تحيا بنغمات لحن الأجداد ، الذي ينساب داخل الروح
نعم ، هما الجد والجدة ،
صوتهما مازال صداه يتردد في ذاكرتي . كانا يجلسان تحت ظل تلك
الشجيرات، يتعاونان، يحرثان، يزرعان
ويحصدان سنابل القمح والشعير، من تلك الأرض المعطاءة والخصبة
إني أتذكر (العونة ) والتي كانت بين
الأسرة والأخرى في موسم الحصاد وما أجمل تلك الأهازيج الممزوجة
بصوت ترانيم المناجل والمعاول .
سأعود بذكرياتي الخاصة إلى ذات الصدر الرحب ، والابتسامة العريضة
هي جدتي والتي تعتني في بقية يومها
الشاق ، بحاكورة بيت اللمة كما تسميه ، فجدتي جدتنا -- رحمها الله – قبل
الغروب بقليل كان جل اهتمامها أعمال
البيت من طعام وشراب ، والاعتناء بالأغنام ، وإعداد الطابون. وفي أثناء
وقت السمر، كنت وأخوتي نلتف
حولها ، في بيتها وعلى ضوء السراج تسرد لنا قصصا وفوازير فيها المعاني
والعبر الكثير، كنت اجلس بجانبها اسألها
عن القمر والنجوم وعن الصلاة والصوم وفي صباح اليوم التالي أنهض من
نومي واذهب مسرعا ، إلى بيت
الجدة الطيبة الحنون من أجل أن أحتسي كأسا من الزعتر أو الميرمية
أو الحليب أحيانا وكنت اجلس على
فراش نومها - الذي صنعته بيديها - أتناول الفطور والمكون غالبا من الزيت
والزعتر والزيتون وخبز الطابون فوق صينية
من القش التي حاكتعا اناملها ، وتدخلني في أحضانها الدافئة لتتلمس
جسدي وتطمئن على سلامتي وتداعب
خصلات شعري ، يا لها من جدة قل مثيلاتها إ تعلمنا منها الشهامة ، والكرم
، والصدق، والإيمان ، ومحبة
الأوطان ، والأصالة ، والكرم . هي ذكريات الطفولة النقية والبريئة ، ولكن
الزمان لن يعود ، والحياة مدرسة فلنتعلم
منها ، ونسير ونبني على تلك الذكريات الجميلة جمالا إن لم يكن مثله
فليتفوق عليه ، حتى نترك أثرا
ايجابيا في نفوس أبنائنا لكن للأسف تراجعنا .
ماذا ستقول عنا الأجيال القادمة ؟ وماذا سيكتبون ؟ ما الذي حصل لنا ؟
هجرنا الغدير والماء من الشربة والزير ورحلنا الى المدن
والمغريات هناك منها الكثير الكثير تغير الإنسان ، ضاع الحنان بدل
الوئام ، حلت بنا الآلام والأحزان وتخلفنا عن العالم
مئات الأعوام . الم نتعلم ؟ هجرنا أراضنا وتغيرت أمنياتنا ، واندثرت
تقاليدنا وعاداتنا ونسينا ماضينا وتلوثت الأرض والسماء ، وقلوبنا أصابها العطب
والجفاء . نلهث وراء المادة والمصالح
الشخصية ، بعد أن كنا نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ، واليوم سكنت في
أجسادنا الأمراض وحل البلاء
ودموعنا أضحت تقطر دماء،علت في صدورنا الآهات وجف نبع الخيرات ، فمتى
نستفيق من ماض عشناه وتغنيناه ؟
إلى حاضر رجوناه وإلى مستقبل كم تمنيناه وقد يكون الأفضل .

.........

كلماتي جميل عبد السلام العرباتي






توقيع جميل العرباتي
 
  رد مع اقتباس