عرض مشاركة واحدة
قديم 17-06-2009, 02:50 PM   رقم المشاركة : 1
جلال ابراهيم الصبيح
عضو شرف
 الصورة الرمزية جلال ابراهيم الصبيح







معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة : جلال ابراهيم الصبيح متواجد حالياً

 

افتراضي في بيتنا الدمشقي........جلال


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



في بيتنا الدمشقي.......



في بيتنا الدمشقي المليء بالورد والفل والجلنار عشنا أياما مخملية و طبعنا طفولتنا

على جدران الرخام السميكة......فهناك في زاوية الحديقة كان الورد الأحمر والليمون

الزاكي بعطر فواح.....وكانت هناك شجرة أكادينيا وارفة الأغصان.....والتي ما كنا نمل

ولا نكل من الصعود على ظهرها.....وهناك عند البحرة الشامية الملآنة بالماء الصافي

البارد جميل الطعم....كنا نتراشق بقطيرات تلك البحرة.....وكانت أمّنا تأتي وتعنفنا على

فعلنا هذا وكنا نتضاحك سخفا ونجري هروبا منها.....وهناك عند شجرة الجارنك الصغيرة

كان أبي يداعبنا ويحوينا بحضنه الدافئ.......وكانت حمائم دمشق تهدل فوق الصنوبر....

و(الستيتية) تهدل عند البحرة الشامية......والزهر البنفسجي الذي تداعبه رياح خفيفة

و شجرة الرمان التي ما تفتأ تحبل كل ربيع وتنجب رمانا وجلنارا ما أطيبه........


في بيتنا الدمشقي...كانت تتجمع الجارات عند أمّي كل صباح ليشربن فنجان القهوة

و يتسلين بالحديث عن بيوتهن وأزواجهن.....

في بيتنا الدمشقي.....كان (أبو جلال) والدي يصنع (الإركيلة) كل مساء ويجلس عند

البحيرة هو و أعمامي يتسامرون ويضحكون ويتناقشون بقضايا الوطن والأمة....


في بيتنا الدمشقي الرائع....كانت تجلس أمّي على كرسيها المزركش بالخيوط الحريرية

وتقرأ ما تيسر لها من آيات المصحف الشريف وتدعي الله أن يوفقنا و يوفق والدي

وقطتنا الشامية البيضاء كانت تونون في أحضاننا وتداعب الوردات بأطرافها......


في بيتنا الدمشقي....كانت أجمل أيام عمري كانت أول انتصاراتي في الحب.....

وأول قصائدي.....ورسماتي على الحيطان.....وتكسيري للألعاب....وتمزيقي للثياب


في بيتنا الدمشقي....زرعنا الفل والياسمين والجارنك والأكادينيا والبنفسج والنرجس

والليمون والرمان ودالية العنب التي مدت أطرافها فوق الجدران......


في بيتنا الدمشقي....مرضت و سقطت وضحكت وبكيت ونمت وصحيت و ركضت ومشيت

وشممت الورود وأهديت الورود....وحضنت أمّي.....وقبلت يد أبي....ورميت آخر أوراق

طفولتي.....وتركتها هناك.....


فما أحلاك يا بيتنا الشامي وما أحلى ذكرياتنا فيه وطفولتنا فيه.....وما أحلاك يا دمشق...

وما أحلى الطفولة حين تكون في بيت.....شامي....وأشجار شامية....وورد شامي.....

وبعد أن كبرنا وكبرت عقولنا وقلوبنا وأجسامنا....ورغم أني مازلت في (18) من عمري

ومازلت في ريعان شبابي ولكن كلما دخلت إلى بيتنا أعود طفلا رضيعا يحبو على البلاط

البارد....مازلت ذاك الطفل الذي يقطف الورود ويرميها في البحيرة الصغيرة......

وياليتني أبقى طفلا...ويبقى بيتنا وارفا بالشجر والماء والورد.......فما أجملك يا بيتنا

ما أجملك.....وما أجمل الطفولة حين تكون في دمشق........


(جلال الصبيح) عاشق دمشق







توقيع جلال ابراهيم الصبيح
 
آخر تعديل إبتهال الجنوب يوم 17-06-2009 في 10:57 PM.
  رد مع اقتباس