الموضوع: النهر يحكي
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-07-2009, 06:42 PM   رقم المشاركة : 1
إبتهال الجنوب
كاتبه أدبيه
 الصورة الرمزية إبتهال الجنوب





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :إبتهال الجنوب غير متواجد حالياً

 

افتراضي النهر يحكي


بسم الله الرحمن الرحيم


وتناحرت الأفكار في صدري , وتململ النعاس بعيني فانفلتُ خارجا من البيت وكان الليل قد انتصف قبل ساعة و إذا بدروب المدينة و طرقاتها قد انطبع على محيّاها هدوء حيي جميل في ليلة صيفية هفهافة الطقس أنعشت من بعد ضيق صدري , وتسابقت قدماي في خفة دون قيد أو شرط أمليه من وجهة السير .. حتى وجدتني ُقبالة لألاء من النور يستحم في النهر في خلوة الليل .. ولكنه صوت نحيب طفل يستجدي استوقفني عن الخطو .. وزاغت العين حائرة باحثة عن الصوت مستعينا برقيق الكلمات واللفظ " بني تعال اقترب مني سأعينك أين أنت من شاطئ النهر فأجابني , يبدو باستدارة من الوجه إلى الخلف أفصحت عن مكمن الصوت
فتبينته على حافة النهر, فانجرفت سريعا قاصده , وهالني ما انطبع على قسمات وجهه الصغير من بؤس وحزن يعصر القلب ؛ قد رثتْ له كل قطرة في مياه النيل تجري , متكورا لولا تحسسته لحسبته شيئا يرتفع عن الأرض و لكأنه ابن السادسة من العمر, حملته على كتفي وضممته إلي صدري فارتعادته ؛ أوهنت جسدي " كف عن البكاء واحك من ُتناجي على حافة النهر يا ولدي " فتمتم بالكثير من الكلمات ما وعيت منها غير أختي .. فتداركت موضع الخطر .. فقلت : ( سأخرجها لك أختك من النهر بعد أن تحكي لي وتروي دون أن تبكي .. )
فبأنفاس لاهثة وتقطع في الصوت والدمع على صمت هدّار من العين , أخذ يحكي وأنا أترجم ما يعيه منه حسي :
" خرجت وأختي نور بيدي , وهي تصغرني ؛ لأبتاع لها دُمية من بائع على مقربة من البيت , على مرأى من أمي ولكنها قالت: " أخي خذني أنظر النهر تعال لنعبر الجسر .. " وهناك التقيتُ ورفقة لي تلهيتُ معهم نقذف فيما بيننا كورة تارة باليد وتارة بالركل وتباعدتُ دون أن أدري ونسيتُ أختي , وفجأة تذكرت فعدتُ في لهفة أجري ولكني ما وجدتها ؛ فأخذت أبكي أسائل الغادي والرائح هل رأيت صغيرة هي أختي ؟ فعلمت أنها قد أمتدت لها يد مارد النهر فهو لم يرزق من الولد ما يُغني .. هكذا روت لنا أمّي .. إني أريدها أختي .. أتوسل إليك عمي أن ننزل معا إلى النهر
ـ ُبني لا تخف ما أختك إلا بالبيت ما من مارد يحيّا بالنهر .. أليس البيت بالقرب ؟!
وانسلخ من فضاء السكون , صوت جلبة اعتلت الكبري لبضعة من الخلق وصوت صغيرة يرتجف يحكي ( من هنا أخي مع رفاقه أخذ يجري بعيدا عن النهر ما أخذه المارد يا أمّي ) وحينها ما وعيتُ إلا والصغير قد انتفض من كتفي وأغاريد من صوته اعتلت قمة الكبري ..
وثقلت قدماي .. لكأني شُددت بأوتاد إلي الأرض تحول بيني والحراك والسير .. النهر يرسل لي كلمات فصيحة !!.. يحكي :

" أنا النهر المعطاء نبع الحياة والجود والكرم يسكُنني مارد محروم من الولد ..!!
أيا سوء من وعى الحياة على رسم يقول له أمّي .. "







توقيع إبتهال الجنوب
 
  رد مع اقتباس