العودة   منتديات الفطاحله > منتديات الأدب العربي/يمنع الفيديو > منتدى الشعر والخواطر بالفصيح

منتدى الشعر والخواطر بالفصيح يمنع نشر ماليس فصيحا هنا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18-03-2007, 11:06 AM   رقم المشاركة : 1
مازن حجازي
شاعر V.I.P
 الصورة الرمزية مازن حجازي





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :مازن حجازي غير متواجد حالياً

 

افتراضي عندما يختنق القمر



((1))

عندما يختنـق القمـر وتهـرب النجـوم في السماء
وتسقـط الدمـوع كالدماء و لا أرى فى الليلة الظلماء
إلا بقايا الموت تستعر
عندما يختنـق القمـر
أراكى مرة ً ثانيـةً كطفلة بريئـة تحـاول الهـروب مـن هـذا الزمان
وتطلق العيون بالبكاء
يبكى فـؤادي عنـدما أراكى تلثمين وجنة السماء
وتضحكين فى سخرية واستهــــزاء ع
لــى الزمــان الماضـــي الكئـــيـب.
طفلــة صغــــيرة كانـت تحـاول الحـياة
أسمهـا هنـاء وهـى فـــي الليالـي المظلمـات في قمـة الضـــياء
وتلك قصــة أحــاول فيها أن أجدد النشيد بالحياة.
تبـدأ قصتـنا في بيت صغـير يقع على أطـراف البلـدة التي كانت ولا تزال تسمى بلدة ( السمـاوي ) ولا أدرى لماذا سمـيت بهذا الاسم ألا لأنها تشبه السماء فى شكل بيوتها أم أنها تستدير مع الليل فتصبح وكأنها بيضـة سماويـة اللـون قـد لفهـا الظـلام فلـم يظهـر منها إلا هـذا اللون القاتم اللون الأسود بيت صغـير يبدأ في مدخله سلم عالي الدرج إذا حاولت الصعـود قـد تشعر بالغثيان وقد تسقط على الأرض مغشـياً عليك بيت يسكنه أم وثلاثة أطفال نجمة وفدوى وكاظم أخـوة ثلاثة أكبرهما نجمة فتـاة صغيرة بيضاء اللون سوداء الشعر عسلية العيون نحيفة القـد إذا نظرت إليها أحسست بآلام العالـم تتجمع في عينيهـا إنها نجمة لكنهـا لم تنـل في صغـرها من اسمها إلا النـدم حار فيها الأطباء من تلـك العلة التي أعيتهـا فلم يستطيعـوا أن يصلوا إلى علاج له فدارت بها أمها على جميع الأطبـاء وبكـت بكـاءً شـديداً وهى ترى ابنتها الكبرى تموت بين يديها ولا تستطـيع أن تفعـل لها شئ ذهبت بها إلى الدجالين الذين استنزفـوا أموالها واستغـلوا رقة قلبها وأخـذوا كل ما استطاعـوا من تلك الفريسة السهلـة ذهبـت بهـا إلى القريـب والبعــيد علها تجـد عنـدهـم دواءً لها إلا أنها لم تجــد دواءً نصحهــا بعـض الأصدقاء بأن تذهـب بها إلى الشـيخ عزوز شـيخ القريـة تقي ورع فاعــل للخــيرات محب للطاعـات يتلـو آيــات الله فيخرج الجن والعفاريت والشياطين هاربين خائفين إنه شيخ مبروك فاذهبي بها يا ((أم نجمة)) علكى تجدين عنده الدواء ويكون على يده الشفاء وفعلاً لم تدخر وسعاً وذهبت بها إليه فى الحال أخذ الشيخ عزوز يتلـو آيـات القـرآن علـه يخـرج هـذا الشيطـان اللعـين من هذا الجسد النحيف إلا أن الأمر ازداد سوءاً أخذت الفتاة الصغيرة تبكى بكاءً شديداً وسقطـت على الأرض ويبـدو أنها تلفـظ أنفاسها الأخيرة إلا أن الشـيخ عزوز ما زال مصـراً على إخـراج الجـن هذا الشيطان اللعين أخذ يتلو الآيات فى سرعة خاطفة وفى صوت مرتفع وأمسك فى يديه عصاً رفيعة يقول أنه قد يحتاج إليها والأم تقف إلى جواره دامعة العينين تسرع أنفاسها يعلـو صـدرها وينخفـض وتريـد أن ترمى بنفسهـا علـى ابنتـها وتحملـها وتخرج بها من هذا المكان الموحـش وفعـلاً وبينما الشـيخ عزوز يقرأ آيات القرآن إذا فزعت الأم إلى أبنتها احتضنـتها بين ذراعيها وخرجت بها من هـذا المكـان تلك كانـت أول مرة تقـف في هذا الموقف وعلام يبدو أنها أقسمت ألا تذهب بها مرة ثانية.
رجعت الأم إلى البيت ووضعت ابنتها على السريـر ولم تستطـع أن توقـف تلـك الدمعات التي تساقطت كعقـد على خديهـا ذهبـت وأحضـرت لها بعـض الماء وحاولـت أن تسقيـها إلا أن الفتاة لم تستطــع أن تشرب شيئاً فلا زالت فى غيبوبة الموت.


نامت الفـتاة ونامـت الأم بجوارها وعند الصباح استيقظت الأم على صوت الابنة وهى توقظها وتقبلها على خدها الذي علمـت الدمـوع علـيه فتحـت الأم عينيـها لتنظر في تلك العينين النجلاوين السوداوين التي أحسـت بهـما لأول مرة فى حياتها تنظر فى عين ابنتها التي لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها احتضنتها وقبلتها وملست على شعرها الأسود الطويل واحتضنتها وقالت لها فى صوت حنون رعاكى الله يا ابنتي وحفظكى من كل سوء فأنتي لي بمثابـة الابنة والأب والأم ولا أدرى بدونك ماذا أفعل أنت حياتي وروحى ودنياي الذي أعيش فيها وآخرتى التي أعيش من أجلها فـترقـرقـت الدمـوع مـن عــــين الفتاة وانحدرت على خديها ساخنة وكأنها نيران تحرق كل شئ يقف أمامها.

((2))

وعادت إليها الحياة مرة ثانية وكأنها زهرة فى بستان قد سقاها البستاني فازدهرت وعاد إليها بريقها ولونها الجميل وبدأت نجمة التي كان أسمها الحقيقي هناء تعيش حياتها الجديدة تذهب فى الصباح مبكرة إلى مدرستها محاولة أن تعيش حياتها رغم هذا المرض الذي يكدر عليها صفو حياتها تحاول أن تتأقلم مع زميلاتها فى المدرسة فهي الآن في الصف الثالث الإعدادي إلا أنها لا تستطيع ذلك لماذا لا تدرى هل لأنها تنتمي إلى وسط يختلف عن وسطهم أم أنها تحس بأنها غريبة عنهم ولا تستطيع أن تفعل مثلهم أم هذا المرض الذي غير طعم حياتها فجعلها كقشة تطفو على سطح الماء كل تلك الأفكار دارت فى رأسها الصغيرة ولم تجد لها أي إجابات فهي لا تزال لا تدرك معنى الحياة الحقيقي ها هي تتجه إلى بيتها تسير بمفردها فى الشارع تحس بأن شيئاً يجسم على صدرها يتوغل من قدميها ويسرى حتى رأسها(( آه رأسي تؤلمني)) قالتها هناء وهى تهوى على الأرض دون أن تشعر بمن حولها تجمع الناس حولها أخذوا يحاولون إيقاذها إلا أنها لم تفق بل ظلت غائبة عن الوعي فترة من الوقت ولم يدم الحال طويلاً إذ أحضر أحد الواقفين زجاجة العطر ووضع بعضاً منه على منديله وأخذ يمرر المنديل على أنفها ووجهها وعينها فاستيقظت وأخذت عينيها تدور حائرة فى الوجوه الكثيرة التي تقف إلى جانبها تسأل نفسها من هؤلاء وأين أنا وما الذي فعل بي هكذا إلا أنها لم تجد جواباً إلا البكاء فصرخت ووقفت من حالها وأخذت تنفض التراب من فوق ملابسها ثم شكرت الواقفين وانطلقت تعدو إلى بيتها وهى غير متزنة فى مشيتها وصلت إلى البيت وهناك لم تجد أمها فى البيت فألقت بحذائها وأدواتها الدراسية وألقت بجسدها النحيل على أقرب سرير ونامت نوماً عميقاً إذا نظرت إليها فزعت فزعاً شديداً وكأنها امرأة عجوز تلفظ أنفاسها الأخيرة وبينما هي على هذا الوضع إذا عادت أمها من عملها لتجد أبنتها الغالية نائمة على سريرها أيقظتها فاستيقظت وسألتها عن حالها فأجابت إنها بخير وخافت أن تقص على أمها ما حدث لها فتزيد من همومها وآلامها وتكدر عليها صفو حياتها فقامت من نومها واغتسلت وتوضأت وصلت العصر ثم أنكبت على كتبها تنهل منها ما شاءت من العلم.

((3))

ومرت الأيام سريعة واحتاجت هناء إلى المساعدة فى بعض المواد الدراسية وكان لها خال يسمى منصور كان يعمل محاسباً فى أحد البنوك وكان أقرب أخوالها إلى أمها وكانت هناء ترتاح إليه وتطمئن إليه وتشعر بسعادة بالغة عندما يساعدها فى مذاكرة ما عليها من واجبات إلا أنه كان دائماً مشغـولاً ومع ذلك قد كـان حريصاً أن يأتـى إليها كل يـوم ويراجع مع استغـلق عليهـا فهمه من المواد


الدراسية ألا أنه لم يستطع أن يكمل معها المشوار فقرر أن يحضر لها مدرساً يدرس لها ويعاونها فى عملية التحصيل فلجأ إلى صديق قديم يدعى الأستاذ شاكر كان مدرساً ابتدائياً إلا أنه كانت له خلفية فى تدريس بعض مواد الإعدادي وبالأخص مادة اللغة العربية فحاول معها لكنه وجدها ضعيفة فى التحصيل وليست لديه القدرة والوقت الكافيين لأن يكمل معها ما بدأه فلجأ إلى مدرس إعدادي كان يثق به فذهب بها هو وخالها إلى ذلك المدرس وأقنع المدرس بأن يقبلها عنده فى مجموعته ووافق المدرس ووعد بأن يبذل كل ما فى وسعه لكي تصل إلى ما تتمناه فى هذا الصف.
كان مدرساً حقيقياً طويل القد صغير السن ذا شعر طويل مصفف بطريقه تنم عن اعتنائه بمظهره ذا عينان سوداوان ووجهه قمحي اللون وأنف أفطس مدبب من أعلى أنه الأستاذ عز الدين لم يدرك فى البداية حقيقة تلك الفتاة فقد كانت تبدو فى صحة جيدة فتاة جميلة يبدو عليها الذكاء أخذ يشرح الدروس ويعاملها كباقي زميلاتها يسألها عن واجباتها يقوم بتسميع الدروس لها يعاقبها إذا أخطأت لم يكن يدرك فى لحظة من اللحظات إن تلك الفتاة التي أمامه مريضة وتحتاج منه إلى معاملة خاصة وفجـأة أحس بأن الفتاة لا تعي شيئاً مما يشرح فسألها ولم تجب إذ بدأ الداء يدب فى أوصالها فرفع صوته محظراً لها وطلب منها أن تحضر معها ولى أمرها فى الحصة القادمة وخرجت الفتاة فى ذلك اليوم خائفة مرتعدة تسير فى الشارع ولا ترى شيئاً أمامها حتى وصلت إلى بيتها بصعوبة وهناك انطلقت في البكاء حتى أبكت أمها معها وقصت عليها ما حدث فى الدرس فقررت الأم أن ترسل إلى ذلك المدرس مع خالها وتقص عليه قصة ابنتها وفعلاً طلبت الفتاة من أستاذها عز أن يحدد موعداً ليأتي إليه خالها لأنه يريد أن يتحدث معه وضرب لها موعداً الأستاذ عز الدين وجاء خالها وتحدثا معاً وعرف خالها إن هذا الأستاذ هو الآخر له درايه بإخراج الجن والعفاريت وقرر أن يجعله يتلو عليها بعض الآيات عله يكون على يديه الشفاء إلا أن الأستاذ قال لخالها إن ابنة أختك ليست مريضة بالجن والعفاريت بل هي تحتاج إلى أشياء كثيرة تحتاج إلى أم تعطف عليها وأب يعتني بها وأشخاص يحبونها تحتاج إلى الحب وأقتنع خالها وقرر المدرس أن يثبت له عملياً أن علاج أبنه أخته هو الحب ولا شيء غير الحب وأخذ يظهر اهتمامه بالفتاة التي استجابت له وأحست بأنها تميل إليه وبعد أن كانت لا تقدر على الكتابة بدأت فى حالة جديدة هي حالة كتابة الشعر كلمات مبهمة من يقرأها لا يفهم منها شيء إلا الأستاذ عز فقد كان يعرف ما يدور فى رأس تلك الفتاة الصغيرة وذات يوم وبعد انقضاء الحصة قرر المدرس أن يسألها عن حالها فأخذت تقص عليه أشياء وأشياء عن أمها وعن خالها وعن أخيها وأختها وهو يستمع إليها بآذان صاغية وانتهت الحصة بما أراد المدرس ألا وهو أن ترتاح إليه وهذا ما حدث بالفعل وخرجت الفتاة إلى بيتها وهى تحس بأنها تمتلك العالم تحس إحساسا غريباً لم تشعر به من قبل تحس بأنها تمتلك العالم وأن شيئاً ما يسرى فى جسدها الصغير أحست بالفرحة والبهجة تملأن عليها كل ذره فى جسده الصغير.

((4))

وفى ذات يوم أقبلت الفتاة على حصتها ومعها ورقة صغيرة قد كتبت عليها كلمة واحدة ووضعتها فى جيبها وعندما دخلت الحصة بدا عليها الارتباك والمدرس يلحظ ذلك فأخذ يشرح الدرس والجميع ينصت إليه إلا هي فقد كانت تعيش فى عالم آخر تعيش فى عالم من الفراشات والنجوم والطيور تسمع أصوات جميلة صوت البلابل والكناريا وترى صوراً ساحرة الطيور والفراشات والزهور ولم تستيقظ من عالمها إلا على صوت المدرس وهو يوجه إليها سؤالاً فى الحصة ويناديها باسمها هناء هنـاء هناء قالها ثلاث مرات وهى وكأنها ليست موجودة معهم فى الحصة إلا أنها استدركت الأمر فى

سرعة خافطة وقالت إيه نعم يا أستاذي قال لها يبدو أنكى كنتى سرحانه فمن ذا الذي يشغلك ((اللي واخد عقلك يتهنى به)) فضحكت وتوردت خديها وبدا عليها الارتباك وابتسمت بينما أخذت زميلاتها يضحكن فى صوت عالي والمدرس يضحك هو الآخر معهم وانتهت الحصة وخرج الجميع وبعد لحظات عادت هي وحدها ووضعت يدها على جيبها وأخرجت الورقة الصغيرة ويدها ترتعش بشدة وقالت للمدرس فى صوت متقطع أنا أنا أريد أن أعطيك شيئاً فقال لها وما هذا الشيء فقدمت يدها الصغيرة وبها الورقة فتناولها المدرس وخرجت هي مسرعة خائفة وقام المدرس بفتح الورقة الصغيرة ولم يجد بها إلا كلمة واحدة ألا وهى كلمة ((أحبك)) ابتسم المدرس ووضع يده على خده وجال بخاطره فى حالة تلك الفتاة وفكر ملياً فيما قد ينتهي بها الحال إليه وأنه قد يجنى عليها أكثر مما يفيدها وقرر أن يتعامل معها بطريقة أخرى ألا وهى طريقة المصادقة وبينما هو كذلك إذ أقبل عليه أحد أصدقاءه ألا وهو الأستاذ كمال مدرس الرياضيات فأخذ يسأله عما يستطيع أن يفعله تجاه تلك الفتاة الصغيرة وأطمئن إليه لأنه كان غزير العلم واسع المعرفة وانتهى الحديث بينهما بعد أن استغرق ساعتان ونصف قرر عز الدين بعدها أن يعدل من معاملته لتلك الفتاة فسلم على بعضهما وودعا أحدهما الآخر وعاد كل منهما إلى بلدته وفى اليوم التالي أقبلت الفتاة بحجة أنها لم تفهم حصة الأمس وأنها تريد من عز أن يعيد شرح الحصة فوافق وبينما هو يشرح الدرس إذا لاحظ أن الفتاة لا تدرك المعنى الحقيقي لما يقوله ووجدها تنظر إليه فى هيام وهو لا يعطى لها اهتماماً وبينما هما على هذا الحال إذا التقت عيناهما وسرحا مع بعضهما البعض ووجدا الأستاذ عز نفسه غارقاً هو الآخر فى نفس المشاعر وأدرك أنه لم يكن يمثل بل كان يعيش الواقع فقد أحب الفتاة وتغلغل حبها في قلبه حتى اصبح لا يستطيع أن يتخلص من هذا الإحساس وتلك المشاعر إلا أنه أخذ يعاند نفسه ويلومها ويقول لنفسه فى صوت ذا نبرات حزينة ما الذي فعلته؟ كنت أحاول أن أخرجها من سجنها إلا أنني قد جنيت عليها فأنا لست لها وهى ليست لي فالفارق بيننا كبير هي طفلة صغيرة أو قل طفلة كبيرة فى الرابعة عشرة من عمرها زهرة في بستان زاهرة لامعة ناضرة لم تتلوث بما فى الحياة من كذب وعش وخداع لا زالت بريئة يا ويلتى يا ويلتى لقد جنيت عليها أنا الأستاذ ذا الثالثة والثلاثين ذا التجارب الكثيرة يا لك من وغد قالها لنفسه وهو يتحسر وتكاد الدموع تزرف من عينه وهى لا تزال تنظر إليه بعينيها الساحرتين ولمست الحزن فى عينيه وقالت له ما الذي يقلقك قال لها أخاف عليك قالت منمن قال لها من نفسي لأني أخدعك فأنتي لا تزالين فى بداية مشوار حياتك وأنا فى وسط المشوار ولن نتقابل أبداً يا هناء وقعت تلك الكلمات على سمعها وقع الصاعقة ولم تستطع أن تتلفظ ولو بكلمة واحدة وبدت وكأنها تبكى وقالت له لماذا أنا لا أريد منك الزواج ولا أريد أي شئ سوى الحب الحب فقط لأنك أعدت إلي عمري الذي ضاع سقيتني الحب حتى عادت إلى روحي وفؤادي فلماذا تبخل على بشيء بسيط ألا وهو الحب قال لها ولكنى لا أشعر بأي حب فأنا ذئب فى ذي إنسان إذا حاولتى الاقتراب منى قد ينتهي بك الأمر إلى الموت والضياع بل قد تنتهي حياتك إلى الأبد فأرجوكي أن تبتعدي عني إلى الأبد ولا تفكري فى هذا الأمر ولا بد أن نكون أصدقاء لأن الحب الذي في قلبك ليس كالحب الذي في قلبي فأنا أبحث عن الحب المادي والروحي معاً أما أنتي فتبحثين عن الحب الروحي فقط وبالتالي فلن نجتمع أبداً فأرجوكى للمرة الأخيرة أن تتفهمي معنى كلماتي فأنا أخاف عليكى من نفسي قالها بصوت متقطع ضعيف استقبلت كلماته وكأنها صاعقة تحاول أن تقتلها لكنها تمسكت وقالت له فى صوت بين الضعف والقوة وفى عينيها بقايا من دموع لن أفرض نفسي عليك وسنصبح أصدقاء ولكن تذكر تلك الكلمات التي قلتها لك مهما طال بك الزمن وخرجت مسرعة كأنها غزال يحاول الهروب من الأسد أما هو فظل فى مكانه لا يحرك ساكناً مذهولاً مما حدث.


((5))

عز الدين ذلك الوغد الذي دمر حياة الفتاة وقضى عليها كما قضى على حياة المئات غيرها كانت تلك عادته يظهر اهتمامه بالفتاة حتى تقع فى شباكه ثم يمنيها بالحب والزواج ويظهر لها ما فيها من جمال يحدثها عن عينيها الجميلة الساحرة وعن شعرها الأسود الطويل وعن ملامحها البيضاء الفاتنة وعن قدها الجميل ثم سرعان ما تقع الفتاة فيلمس يدها فترتجف فى يديه ولا تستطيع أن تنزع يدها من يده وكأنها تيار كهربائي يسرى فى جسدها ولا تستفيق إلا وهو يحتضنها بين صدره ويقبلها قبلات حارة دافئة متتابعة لا تستطيع الفتاة معها أن تقاوم وتسقط وتسقط وتسقط حتى لا تستطيع أن تخرج من هذا الحلم المفزع إلا بعد فوات الأوان.
عز الدين لا أدرى لماذا يسخر القدر بالإنسان فلماذا سماه بهذا الاسم عز أي عز هذا الذي يحمله هذا العز ودين وما هذا الدين يحمله في صدره يا لا سخرية القدر ولكنى لا أدرى ماذا يخبئ القدر لهذا الشاب في عباءته هذا كان واقعه كان شاباً تائهاً لا يدرى كيف يشفى من هذا الداء داء العشق فالحب عنده له طعم آخر وشكل آخر ولون آخر فهو لا يعرف منه إلا هذا الوجه المادي الكالح الذي يدمر كل المعاني النبيلة ولا يبقى إلا على الفاسد من المشاعر.
مضى عز الدين في حياته مرة ثانية كالمعتاد وسرت تلك الفتاة الفتاة لا زالت تطارده في كل مكان في صحوة وفى نومه فى لعبه وفى جده حتى كادت أن تقضى عليه وتدمر ما تبقى له من عقله فهو لا يدرى ماذا حدث له هل أحبها حقاً أم انه يشفق عليها وعلى حالتها أم انه أحس بدناءته وتوغل هذا الداء في صدره أم انه استيقظ ضميره وتحركت مشاعره بالخير تجاه تلك الفتاة كانت تلك التساؤلات التي دارت بخلد عز الدين وهو يمضى في حياته غير مدرك لما يدرى حوله.

((6))

(صباح الخير يا أستاذي) قالتها هناء وهى تضع عينيها في الأرض خائفة أن تتحرك مشاعرها مرة ثانية وكان عز الدين جالسا على مكتبة مرتديا زيا جديدا يضع عطرا يعبق المكان ويرجل شعره بطريقه جديدة غير التي كان عليها رفع رأسه ونظر ألي تلك الفتاة وقال لها في صوت خافت يبدو عليه الارتباك (صباح الخير يا هناء) تفضلي بالجلوس قالها وهو يحاول أن يردها إلى فيه مرة ثانية جلست الفتاة على الأريكة وقالت له في أدب واحترام (أنى اعتذر عما حدث منى في الحصة الماضية فقد كنت في حالة يرثى لها خلال تلك الأيام الماضية ولم اشعر بما حدث ألا صباح اليوم) قال لها لا داعي للاعتذار فأنى لولا خوفي عليكى ما عاملتك هكذا فلو كنت أريد ضياعك لساعدتك فيما فعلت قالت له لماذا ألا تحبني حقا ألا تشعر تجاهي بمشاعر الحب الست أنا هناء التي تخاف عليها والتي تقف بجانبها في كل محنه تمر بها ألم تفهم لغة عيني وهى تحدثك عن حبي لك فنظر إليها عز الدين وهو يحاول الهروب من تلك الكلمات المتلاحقة ويحاول أن يخفى ما به من ارتباك فقال لها أنى احبك حقا ولكن حبا اخويا حبا أبويا فأنتي لي كابنتي التي أتمنى أن يرزقني الله بمثلها ولا أخفى عليك أن ملامح الطفولة التي في عينيكى قد جذبتني إليك كثيرا وكادت أن تتحول من مشاعر الاخوة والأبوة إلى مشاعر الذئاب وأنى أحاول أن اعلمكى درسا يكون معكى في حياتك وهو أن الحب الحقيقي لا يأتي عطف ولا شفقة ولا من خلال لذة الجسد ولكن حب يبقى ويدوم إلى الأبد في النور ويعيش في النور كانت تلك كلماته الأخيرة وكانت تصغي إلية وهى غير مقتنعة من داخلها بما يقول فهي كانت لا ترضى به إلا حبيبا بكل من تحمله تلك الكلمة من معنى وهو يمسك جماح نفسه حتى لا تقوده غرائزه الحيوانية الدفينة إلى قمة الهاوية وفجأة انتفض من مكانه وقال لها في صوت مرتفع ارجوكى دعيني وشانى فإذا كنت لا تزالين على عنادك أخرجي من هنا قبل أن يتحطم كل شئ جميل مر علينا من قبل وقبل أن تتحول مشاعري إلى مشاعر الحيوان الشرس في داخلي خرجت هناء وهى تبكى بكاءاً شديداً للمرة الثانية ولا تدرى ماذا تفعل قد اسودت الدنيا في عينيها فلم تعد ترى أمامها سوى هذا الليل المظلم على الرغم من أنها كانت تسير في الشارع في الصباح ولم تدرى بنفسها ألا وهى تقف فوق الكوبري محاولة أن تتخلص من حياتها التعيسة التي لم تجد فيها سوى البؤس والتعب والمرض وها هي تقف فوق حافة الكوبري تريد أن تلقى بنفسها (آه) قالتها هناء عندما حاولت أن تلقى بنفسها إلا أنها لم تستطع ذلك.

((7))

ارتمت هناء على الأرض وتجمع الناس من حولها للمرة المليون كالعادة يحاولون أن يوقظوها من نومها ومن غيبوبتها إلا انهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا واستيقظت هناء على صوت الأستاذ وهو يهزها هزا شديدا ويضع يده على خديها يمسح ما علق بهما من أتربة ويقول لها لماذا حاولت أن تفعلي هذه الفعلة ونظرت إليه بعينيها الجاذبتين وقالت وهى تغمضهما أحاول أن أتخلص من حياتي البائسة الكئيبة نظر إليها عز الدين متحسراً يقول لنفسه ما الذي جنيته كيف أستطيع أن اخلص تلك الفتاة من هذا المأزق الذي وقعت فيه ااظل على عنادي وكبريائي أم أجاريها واخسر كل شيء اخسر إحساسي بنفسي ومشاعري واخسر احترام الناس لي وفوق كل ذلك تضيع الفتاة وتهوى في براثن الرذيلة أكون أنا الجاني إلا انه قرر أن يحاول أن يوقظها من غفلتها بأسلوب لا يؤثر على حياتها وقامت الفتاة من على الأرض وهى تستند على عز الدين وتضع رأسها على كتفه وكأنها تشعره بأنوثتها ووجودها وسارا معا جنبا إلى جنب وضعت يديها على يده وكأنها مريضة متعبة لا تقدر على السير وبينما هما كذلك إذ أحس عز الدين برعشة تسرى في جسده وأحس بنار تخرج من رأسه ولم يستطع أن ينزع يده من يدها على الرغم من انه كان يحاول كل ما يملك من قوة أن يتلاشى تلك اللحظة المصيرية في حياته ولكن حدث المحظور وغلت في صدره لذة الجسد وأحس بأنه قد تحول من حالته البشرية إلى حالته الحيوانية حتى وصل بها إلى بيتها وهناك كان البركان الذي يثور في داخله قد هدا واستطاع بسهولة أن ينزع يده مرة ثانية وان يسلمها إلى أمها دون أن يحدث بينهما شئ يندم عليه بعد ذلك كل الندم.

((8))

عاد عز الدين إلى بيته في هذا اليوم متأثرا بعد أن جلس مع أم الفتاة يشرح لها كيفية الاهتمام بابنتها الصغيرة فهي تمر الآن بمرحلة جديدة من حياتها آلا وهى مرحلة المراهقة وبينما هو يسير في الشارع إذ خلى بنفسه واخذ يحدث نفسه عما حدث في هذا اليوم قال لنفسه: ((ما الذي فعلته يا عز لقد تأثرت بحرارة الفتاة وارتعشت يدك مرة ثانية وأحسست بان العالم كله له نفس اللون الوردي الجميل وتغيرت ملامحك حتى أصبحت لا تدرى من أنت وأين تسكن والى أين أنت ذاهب يا لك من إنسان عجيب قالها لنفسه وهو يستدر عطف نفسه على نفسه حتى وصل إلى البيت وهو لا يدرى كم الساعة وكم مضى من الوقت وهو يسير بمفرده ودخل بيته وهو ظالم لنفسه وقال لن أعود إلى مثل هــذا الفعــل مرة ثانية مهما كلفـني الأمر وقــرر أن يتراجع عن معاملة تلك الفتاة مطلقا وان يلغى كل
يصله بها ولكن هل يستطيع ذلك ولو استطاع ذلك ماذا سيكون رد فعل الفتاة قد تنتحر وقد تمتنع عن الطعام والشراب وقد تمتنع عن الذهاب إلى المدرسة والدرس فماذا تفعل يا عز الدين يا لها من كارثة ويا فداحة المصيبة أمر محير حقا كيف يتغلب على هذا الموقف اصبح الصباح وأشرقت الشمس بلونها الذهبي وأرسلته على تلك القرية الصغيرة وطارت العصافير في السماء مسبحة بحمد ربها ((الملك لك لك لك لك يا صاحب الملك)) واخذ عز الدين يردد معها هذا الدعاء الجديد إلا انه في هذا اليوم أحس بانقباض شديد في صدره لا يدرى لماذا خرج من بيته بعد أن أتم أناقته كالعادة وذهب إلى مدرسته يدعو الله أن يجنبه المصائب والمشكلات فما كاد يتم كلامه حتى وجد تلك الفتاة تقف أمامه مرة ثانية فلم يدرى هل هو في حلم أم في حقيقة حاول أن يتلاشى وجودها ويمر بجوارها دون أن يلقى لها بالا أو أن يعطى لها أي اهتماما إلا انه لم يستطيع إذا أقبلت عليه الفتاة مسرعة وأوقفته قائلا له: ((أستاذ عز لو سمحت ممكن اكلم حضرتك على انفراد كلمتين بس لو سمحت)) فغمغم بصوت متهدج متقطع وقال لها ((أنا مش فاضي دلوقتى ولو سمحتي متحوليش تكلميني مرة ثانية وتركها ومشى إلا أن الفتاة أخذت تلاحقة في الطريق تقول له أرجوك كلمتين بس أنا ممكن يحصلى حاجة لو متكلمتش معاك دلوقت)) إلا انه تركها ومشى وقال لها (( أنا متأخر عن المدرسة لو سمحتي سيبينى أمشى)) صرخت الفتاة وقالت له إذا لم تسمعني سألقى بنفسي في النهر)) فلم يسمعها ومضى في طريقه وبينما هو كذلك إذا نظر على بعد فوجد الفتاة تتجه نحو النهر في سرعة خاطفة وهى تبكى بكاءً شديداً وكأنها في حالة هستيرية فقفز وراءها ولحقها وهى على حافة النهر وهى تهم بإلقاء نفسها فيه فامسك بها واحتضنها فقال لها وهى تبكى على صدره ((هاتعملى إيه يا مجنونة)).

((9))

كانت لحظات جميلة تلك التي نامت فيها على صدره وأحس بنبض قلبها الصغير وهو ينادى مع كل دقه بحبه وحياته كانت مشاعر حقيقة لا يمكن أن تشوبها شائبة أو أن تتحول إلى لغة أخرى تلك اللغة التي لا تعرف إلا معنى واحد ألا وهو معنى اللذة الحسية فقط ها هما يقفان كطفلين صغيرين على حافة النهر وهى تبكى على صدره وهو يحتضنها ويملس على شعرها ويمسح الدموع عن عينيها ويقول لها في صوت لم يتحدث به من قبل(( لماذا تريدين أن ترحلي عن تلك الحياة ألا تعرفين أني احبكي حقا ولا يمكن لي أن أتصور تلك الحياة وأنت لست موجودة بها لا يمكن أن أتخيل أن يمر على يوم وان تسطع على شمس في مكان لست موجودة فيه لماذا فعلت هكذا أتريدين أن تعاقبيني أم ماذا تريدين)) نظرت إليه هناء بعينيها اللامعتين التي امتزجا فيهما الفرح والحزن والابتسام والدموع وقالت له أحقا ما اسمع أتحبني لو أنى اعرف أن حياتي غالية عندك هكذا لألقيت بنفسي في النهر من زمن فقال لها يا لك من خادعة ماكرة وملس على خديها وامسك بيديها وسار بها ألي بيتها أحس في تلك اللحظة انه يعيش حياة أخرى غير تلك الحياة التي كان يعيشها من ذي قبل.
وبدا يتعايش مع هذا الحب الجديد وهو لا يدرى هل حبا حقا أم انه مجرد إعجاب بتلك الفتاة ذات العينين السوداوين والملامح الطفولية البريئة ها هو يراها كل يوم ويتحدث معها ويسمعها أعزب الكلمات ويلقى عليها أشعاره التي تنبط بحبها وهى كذلك تعيش في حلم كبير لم تشعر بهذا الإحساس من ذي قبل وتقول لنفسها لا بد أنني أعيش في حلم ولا يمكن أن يتحمل قلبي الصغير كل هذه السعادة والتقت عيناهما فغابا معا في عالم آخر ولم يدرى ألا بيديه تتشابك مع يديها وعينيه تقترب من عينيهـا ها هي الآن بين أحضانه لا تــدرى هل تعيـش على الأرض أم تعيـش فـي السماء وقبلهـا قبلة لم يذق طعمها من ذي قبل فقد كانت تختلف عن تلك التي قد ذاقها من الفتيات السابقات أحس بطعم جديد للحب.

((10))

و مر ذلك اليوم على عز الدين وهو لا يدري ما الذي يحدث وكيف يتخلص من تلك المحنة التي تكاد تقضي على ما تبقى من حياته والتي لا يقدر على الهروب منها .
وفكر عز الدين أن يهرب منها إلى بلد أخرى إلا أنه لم يدر إلى أين يذهب وكيف يترك تلك البلد التي تربى فيها وعاش فيها أجمل أيام حياته يا لها من فكرة تكاد تحرق صدره بنيران الغربة والبعد عن أحبابه. ولكنها إرادة الله التي لا تخفى على أحد مهما بلغ من العلم . وفعلا هرب عز الدين إلى بلد بعيدة عله ينسى تلك المحنة التي عاشها مع تلك الفتاة .
وبعد مرور ستة أشهر عاد بعدها ليجد تلك الفتاة وقد ألقت بنفسها من فوق الكوبري وسقطت في قاع النهر ولفظت أنفاسها الأخيرة على شاطئ النهر في نفس المكان الذي ودعها فيه ومنعها من الانتحار
لم يصدق عز الدين ما حدث وكأنه يعيش في حلم أو كابوس مخيف لا يقدر على الخروج منه وأصيب بهلوسة في رأسه اصبح على غرارها يهيم على وجه وقد اتسخت ملابسه وكبرت لحيته ودخلت عيناه واصبح يخاف من شبح تلك الفتاة التي يتمثل له في كل مكان يحاول اللجوء إليه فها هو يتذكر كل لحظة عاشها مع تلك الفتاة يقف على شاطئ النهر ويرفع يده إلى السماء ويقول يا رب السموات ماذا جنيت في حياتي حتى أرى تلك الزهرة الصغيرة تموت بين يدي وأنا لا أستطيع أن افعل لها شئ وزاد الأمر عليه عندما علم أنها قد تركت له رسالة صغيرة تقول له فيها(( أستاذي ومعلمي ابعث إليك تلك الكلمات وأنا في باطن الأرض أعيش الآن حياة أخرى غير تلك الحياة التي لم استطع فيها أن أنال ما أريد لم اكن أريد المال أو الجاه أو السلطان ولكنى كنت أريد شيئا واحدا بخلت به الدنيا على إلا وهو الحب فأردت أن أجده في مكان آخر لا يوجد فيه هؤلاء الذئاب الذين لا يقدرون المعنى الحقيقي لتلك الكلمة النبيلة التي تخلو من كل المعاني الحسية إني اعتذر إليك عن كل لحظة احسستك فيها بالحزن والألم والضياع أنى اعلم جيدا انك إنسان تختلف عن جميع البشر فأنت ملاك في ذي إنسان حاولت أن تبقى على حياتي بكل الوسائل إلا أن القدر كان اكبر منا ولكنى أقول لك وأنا أعيش الآن مع ملائكة من السماء تحملني إلى مكان هوائه صافى أشجاره عالية لا يوجد فيه إلا أنا وبقايا ذكرياتي معك أنى اعتذر للمرة الأخيرة عن كل ما سببته لك وعن كل ما سيحدث لك بعد الآن ولكنى لا أدرى هل سيؤثر فيك ما سيحدث لي أم انك ستنساني كما نسيت السابقين من قبلي. أستاذي العزيز أخيرا إذا وصلتك رسالتي هذه فاعلم انك احب إلى من نفسي ومن حياتي ومن كل ما أملك ولا أقول لك الوداع ولكن أ قول إلي اللقاء هناك في تلك الجنة التي قد تجمعنا يوما ما أنا وأنت))

والسلام
نجمة يوم الأحد 15 يناير 2001

قرأ عز الدين تلك الرسالة وانسابت دموعه تجرى على خده واخذ صدره يعلو ويهبط وأنفاسه تسرع وشهق شهقة عالية لم يدرى بعدها إلا وهو محمول على الأعناق إلى مستشفى القصر الكبير وهناك كان غائبا عن الوعي طيلة الوقت ظل على تلك الحالة ستة اشهر لا يدرى ماذا يجرى حوله ولم تجد المستشفى بدا من تحويلة إلى مستشفى الأمراض العقلية عله يجد هناك ما يسليه عن فقد تلك الفتاة الصغيرة وفعلا حدد له الغد يوم الأحد من شهر يوليه 2001 لنقله إلى مستشفى الأمراض العقلية وخرجـت به سيـارة الإسعاف صباحا إلا انه لما مر على الكوبري الـذي ألقـت الفتـاة بنفسهـا لم يدرى بنفسه إلا وهو يضرب الممرض الذي يجلس بجواره ويخرج من السيارة مسرعا ويصعد درجات السلم ويقف في نفس المكان الذي ألقت الفتاة منه بنفسها فإذا بأشعة الشمس الذهبية تنساب على وجهه فيتذكر أيام كانت تلك الأشعة تبعث في نفسه البهجة والفرحة فيصرخ صرخة قوية ثم يسقط حتى يجد نفسه في قاع النهر وحيدا وتدور في رأسه وهو بين الحياة والموت كل لحظة عاشها جميلة كانت أم عصيبة ثم يطفو مرة ثانية ثم يغطس فيطفو فيغطس حتى يبتلعه النهر ويجرفه التيار إلى مكان بعيد لم يدرى أحد ما الذي حدث له ولم يشعر به أحد إلا بعد ثلاثة أيام وهو يطفو على جانب النهر في نفس المكان الذي أنقذ فيه تلك الفتاة من الانتحار.

((11))

عز الدين يا له من اسم حير أناس من بعده في معرفة أبعاد تلك الشخصية هل كان وحشا وذئبا حقا أم كان ملاكا كما وصفته تلك الفتاة في رسالتها وهل غلبت عليه شخصيته الحيوانية أم علا فوقها ليعيش في عالم ملائكي لا يقدر أحد أن ينتزعه منها.
يا له من اسما يحمل في معناه العز والقوة كما يحمل القسوة و والحرمان والضياع عاش حياة مطرفة محبوبا بين أهله وعشيرته إلا انه الآن يفقد حياته التي لم يدرى لها معنا إلا بعد أن ضاعت كلها منه وهو لا يدرى.
تلك القصة واقعيا الأحداث فقد عشتها بنفسي فتعرفت على شخصياتها واحدا واحدا فالفتاة لم تمت في الواقع ولكنها ماتت في خيال عز الدين الذي صور له أنها قد ضحت بحياتها من اجله وأنها فعلا انتحرت لتتخلص من إحساسها بالحب نحوه وان تلك الرسالة التي كتبت إنما كتبها عز الدين بيده وأرسلها إلى نفسه وقرأها واقتنع بها وعاش في كابوسه المرعب لوحده دون أن يدرى انه يعيش في حلم كبير.
أما الفتاة فقد نسيته في تلك الفترة التي كان يعيشها بعيدا عنها ولم تعد تحبه أو تميل نحوه ولكنها بعد أن علمت بوفاته تسلط عليها وهم الحب مرة ثانية وأخذت تبكيه بكاءً شديدا لا لأنها كانت تحبه فقط ولكن لأنها أحست معه بمشاعر جميلة وأحست انه كان يخاف عليها حقا وانه كان يحبها وهو يدرى انه يحبها وعاشت حياتها وهى لا تدرى كيف تستطيع أن تتخلص من هذا الحب ومن هذا الحلم المفزع.














توقيع مازن حجازي
 
آخر تعديل مازن حجازي يوم 18-03-2007 في 05:27 PM.
  رد مع اقتباس
قديم 27-06-2007, 01:39 AM   رقم المشاركة : 2
الم الفراق
V.I.P
 الصورة الرمزية الم الفراق






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :الم الفراق غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد على: عندما يحتنق القمر


تسلم أخي العزيز


بارك الله فيك


يعطيك العافيه

ربي يحفظك







توقيع الم الفراق
 
  رد مع اقتباس
قديم 18-01-2008, 08:07 AM   رقم المشاركة : 3
العيناء العامريه
وردة الفطاحله
 الصورة الرمزية العيناء العامريه





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :العيناء العامريه غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: عندما يحتنق القمر


قصه مؤثره جدا

وجميله وتلامس الخيال و الواقع بخمار شفاف ابيض

شكرا على السرد والقصه

تحياتي







توقيع العيناء العامريه
 
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
وفيها رزانة شيخ صامل وحلحيل وفيها اندفاع اللي يقودالسرايا
مشاركتك لي تأسرني
  رد مع اقتباس
قديم 28-01-2008, 12:42 AM   رقم المشاركة : 4
ليالي المحرق
كاتبة أدبيه
 الصورة الرمزية ليالي المحرق






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :ليالي المحرق غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: عندما يحتنق القمر


مازن حجازي

سرد رائع ,, لاأنكر بأني تأثرت بأحداثها ,,,
نسيج قصصي رائع ,,,

دام ابداعك

تقبل مروري
ليالي المحرق







توقيع ليالي المحرق
 
  رد مع اقتباس
قديم 22-02-2008, 07:30 AM   رقم المشاركة : 5
محمد بن عبدالله السلمان
كاتب أدبي/عضو شرف






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة : محمد بن عبدالله السلمان متواجد حالياً

 

افتراضي رد: عندما يحتنق القمر


تسلم أخي مازن
لاشك إن القصة جميلة
وساعود لأكمل بقيتها
محظوظٌ أنا بمعرفتك
تحيتي وتقديري







توقيع محمد بن عبدالله السلمان
 (الرجاء ان لايزيد التوقيع عن 300×400 بكسيل)
  رد مع اقتباس
قديم 01-03-2008, 08:44 PM   رقم المشاركة : 6
ابراهيم عبدالحميد
الخريف الحزين/عضو شرف





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :ابراهيم عبدالحميد غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: عندما يختنق القمر


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مازن حجازي مشاهدة المشاركة
فتـاة صغيرة بيضاء اللون سوداء الشعر عسلية العيون نحيفة القـد إذا نظرت إليها أحسست بآلام العالـم تتجمع في عينيهـا إنها نجمة لكنهـا لم تنـل في صغـرها من اسمها إلا النـدم
مازن حجازي

رائع و مبدع و راقى
سلمت يداك و دام فكرك و إبداعك






توقيع ابراهيم عبدالحميد
  رد مع اقتباس
قديم 02-03-2008, 10:00 PM   رقم المشاركة : 7
حي الضمير
خالد الحمد/ شاعر/عضو شرف
 الصورة الرمزية حي الضمير





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :حي الضمير غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: عندما يحتنق القمر


ابدعت بارك الله فيك
وبالحيل امتعتنا بتلك الروايه
شكرا لك







توقيع حي الضمير
 
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
  رد مع اقتباس
قديم 06-06-2008, 02:59 AM   رقم المشاركة : 8
أسماء




معلومات إضافية
  النقاط :
  الحالة :

 

افتراضي رد: رد على: عندما يحتنق القمر


بارك الله فيك يعطيك العافيه ربي يحفظك







توقيع أسماء
 
  رد مع اقتباس
قديم 04-12-2010, 12:48 PM   رقم المشاركة : 9
المؤذن
مشارك






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :المؤذن غير متواجد حالياً

 

افتراضي


شكرا لك
على الجهد الطيب
تحياتي







توقيع المؤذن
 
  رد مع اقتباس
قديم 05-12-2010, 10:11 AM   رقم المشاركة : 10
الهامس
مشارك





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :الهامس غير متواجد حالياً

 

افتراضي


خالص الشكر والتقدير
على كل جهودك الرائعه
تقبل اطيب التحيه







توقيع الهامس
 
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عندما كان عمرك... أصالة تميم المواضيع العامة 15 16-12-2010 06:50 AM
عندما يغضب الرجل وعندما تغضب المرأه عطرالسحاب طفلك وأسرتك 15 16-12-2010 06:50 AM
سارع بتقبيل من تحب قبل فوات الآوان أمير الإحساس المواضيع العامة 17 15-12-2010 11:58 AM
على صباح الله نبي شاعر ويفهم بالنظام ... الطارف سديد يا الفطاحلة محمد الأسمري ساحة المحاورات 24 12-08-2006 06:21 PM


الساعة الآن 10:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات الفطاحلة