العودة   منتديات الفطاحله > المنتديات العامة/يمنع الفيديو > تاريخ وآثار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 16-10-2007, 11:49 PM   رقم المشاركة : 1
الطائر المهاجر
** (عثمان العبدالله) ** المؤسس والمشرف العام
 الصورة الرمزية الطائر المهاجر





معلومات إضافية
  النقاط : 20
  الحالة : الطائر المهاجر متواجد حالياً

 

افتراضي انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب الجزيره


صورة الصحراء العربية في أذهان الأوروبيين مرت بمراحل مختلفة عبر التاريخ. فالإغريق نظروا إليها على أنها<<بلاد العرب السعيدة>>, وفي الكتاب المقدس ترمز الصحراء العربية للخطيئة, والمجاعة, والقحط, ولكنها أيضا حيث يتدخل الرب لإحداث تطهير وتنقية البشر. أما الأوروبيون في القرون الوسطى, فقد اعتبروها مجرد أرض قاحلة نفيت إليها السيدة هاجر.(1) وعرب الصحراء أنفسهم, رسم لهم الأوروبيون صورا مختلفة عبر العصور. فمؤرخو الحملات الصليبية إلى المشرق في القرون الحادي والثاني والثالث عشر, وصفوا البدو بأنهم كانوا يتربصون, كبنات آوى, بما تؤول إليه المعارك, ثم ينقضون على المهزومين من كلا الفريقين: المسلمين, والمسيحيين.(2) وفي القرن الرابع عشر يصورهم الرحالة الإنجليزي الشهير جون ماندفيل بأنهم <<قوم كريهون جدا, ووحشيون, وبهم كل الصفات الشريرة>>.(3) ولكن في عصر التنوير في أوروبا, تغيرت صورة البدو في الآداب الغربية, وأصبح عربي الصحراء رمزا لـ <<البدائي النبيل>> (Noble Savage), الذي تجتمع فيه صفات <<الحرية, والاستقلالية, والبساطة>>, كما صورها الرحالة الدانماركي كارستين نيبور حين زار جزيرة العرب في الستينيات من القرن الثامن عشر.(4) وتظهر صورة <<البدائي النبيل>> بكثرة في المرحلة الرومانسية, حيث نجد الرحالة وليام هيود الذي زار مسقط في نوفمبر 1816, يقدم لنا صورة مبكرة لبدو عمان, حيث يصف عربي الصحراء بهذه الكلمات:<<بدوي الصحراء كان مميزا عن غيره بعمامة مخططة فوق رأسه, وعليها جديلة مرنة...كان متوحشا, طليقا, وذا نظرة مستعرة خاطفة, وطلعة متوفزة قلقة. لقد بدا وكأنه ملك الخلائق.>>(5) وبصفة عام ة, فإن الصورة الر ومانسي ة للبدوي في أدب الرحلات الغربي هي نزوع إلى المثالية. وإذا كان ويليام هيود لم يتسن له غير نظرة خاطفة للبدو في مسقط, فإن جين لويس بركهاردت, الرحالة الس ويسري الذي سافر وعاش مع بدو الجزيرة العربي ة الش مالي ة في عام 1814, قدم لنا نفس الصورة المثالية للبدو, فقد وصف بأنهم <<الأجناس الوحيدة في الش رق الذين يمكن أن يوصفوا, بكثير من الإنصاف, بأنهم أخلاء حقيقيون.>>(6) وتصوير البدوي العربي على أنه <<ملك الخلائق>> قد لا يكون غريبا في عبارة ويليام هيود السابقة. ففي المرحلة الر ومانسي ة, كما يرى تيم فلفورد, يبرز عربي الصحراء في رواية الشاعر البريطاني ويليام وردزوورث لحلم كوليريدج على أنه<<رسول الرؤيا>>, ويمثل <<هروبا من أسطول المياه للعالم الغارق.>>(7) ونجد في الكتاب الخامس لمقد مة وردزوورث, هذا المثال للحلم الر ومانسي :
رأيت أمامي سهلا للصّحراء الرّمليّة, يمتد, لا حدّ له,
كلّه سواد وفراغ,
و حين أجلت بصري, تملكني الأسى والخوف,
و إذا بشخص غريب يظهر تجاهي, وقريبا مني, متسنما جملا عربيا,
كان عربيّا من قبائل البدو:
يحمل رمحا, ويتأبط
حجرا, وفي إحدى يديه يحمل صدفة
ذات إشراق مدهش.(8)
هذه الصورة المثالية الحالمة للبدو صارت ظاهرة, نجدها في كتابات الرحالة الأوروبيين الذين قدموا إلى الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى, والذين وجدوا في الربع الخالي من جزيرة العرب, والصحراء الكبرى في المغرب العربي متنفسا رومانسيا, وواحة فكرية استظلوا بها من عناء المدنية الحديثة والدمار الروحي الذي اجتاح أوروبا بعد الحربين الأولى والثانية. والقراءة المتأملة لأسفار كل من ويلفريد ثيسيجر, وفريا ستارك, وبول باولز, وجون فيلبي, مثلا, تؤكد بروز هذه الرؤية الرومانسية للصحراء.
في هذه الورقة, أناقش شخصية ويلفريد ثيسيجر الذي قضى خمس سنوات في عمان مرتحلا مع البدو في صحراء الربع الخالي, ما بين 1945 إلى 1950. وبداية, أقر بأن هناك صعوبة في دراسة شخصية معقدة ومزدوجة كشخصية ثيسيجر. فالرجل - على الندرة البالغة في الدراسات حوله, دعك من المقالات الصحفية البسيطة التي تتناول تاريخ حياته وأسفاره - ليس من السهل تكوين رؤية ثابتة عن اتجاهاته. هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى فإن منهجية انتقائية, كما في كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد, من الصعب تطبيقها في تحليل كتابات ثيسيجر; لأن الرجل لم يكن <<إمبرياليا>> موظفا من قبل الاستعمار, ولا <<عنصريا>> شوفينيا ينتصر للدم الأوروبي والرجل الأبيض, ولا باحثا عن <<شرق ألف ليلة وليلة>>, بثرائه وأبهته وفسقه, كما تخيله نيرفال وشاتوبرياند. وسأحاول في هذه الدراسة الاستفادة من دراسات <<ما بعد الاستعمارية>> (Postcolonialism) والتي تتيح الفرصة لتحليل النصوص بوضعها في إطارها التاريخي, وبافتراض تعددية الصوت في العمل الواحد, وبضرورة الابتعاد عن التعميمات الجارفة.(9) كما أنني لن أقتصر على كتاب ثيسيجر الشهير الرمال العربية, وإنما سأتتبع آراءه, وفلسفته حول البدو والصحراء, في مؤلفاته الأخرى, والتي سيتم توثيقها في موضعها.
الصورة التي رسمها ثيسيجر لرفاقه, بدو عمان, تعكس قصّة إعجاب. فقد أُبْهِرَ بصبرهم, وشجاعتهم, وتسامحهم, وكرمهم ونبلهم. حياتهم التي وجدها <<مفرطة في الصعوبة>> يصفها بالكلمات التالية: <<هؤلاء الرجال القبليون اعتادوا منذ ميلادهم على المشقّات الجسديّة للصحراء, وعلى شرب ماء ضحل أجاج, وأكل خبز معفر بالرمل وغير مختمر, وتحم ل الرمال المزعجة التي تعصف بها الرياح, وتحمل شدة البرد والحرارة والوهج المعمي للأبصار, في أرض لا ظل فيها ولا سحاب.>>(10)
و في مكان آخر, يصف أجسامهم بأنها <<تآكلت بفعل الحياة في الصحراء, حتى لم يبق منها غير اللحم الأساسيّ, والعظم والجلد.>>(11) تعلم ثيسيجر في الربع الخالي أن أي شخص يعيش مع البدو ينبغي أن يقبل عاداتهم ويتبع مقاييسهم, وأن الذي يسافر معهم فقط يمكنه أن يقدّر شظف مثل هذه الحياة. ويؤكّد أنهم كانوا نقّادا قاسين لأولئك الذين يفتقرون إلى قوة التحمّل, والروح المرحة, والحفاوة, والولاء, والشجاعة. جاء ثيسيجر إلى الربع الخالي عمدا ليعيش الحياة الصعبة للصحراء, وخلال خمس سنوات تمكّن من تعويد نفسه على تقاليد البدو; لأنه يعتقد أن الحياة البسيطة هي مرتكز النبل وذروة الكرامة. وحسب ما يذكر مايكل أشر, فإن ثيسيجر لخص, فيما بعد, فلسفته حول الصحراء بأنه <<كلما اخشوشنت الحياة, كلما كان المرء أسمى وأرفع.>>(12)
يعتقد ثيسيجر أن نبل البدو يكمن في كونه أخلاقيا وجسديا أيضا. فقد وجدهم يقدرون الحرية أكثر بكثير من الراحة والدعة, وأنهم لم يبالوا بالمعاناة, وإنما تقبلوا مشقة حياتهم بأنفة وعزة نفس. لهذا, فإنهم تمتعوا بالتفوق على أبناء المدينة الذين كانوا يكرهونهم ويمقتونهم. ويؤكد بأنه على الرغم من فقر البدو وحياتهم البائسة, فإنهم ضربوا أمثلة على نبلهم وإخلاصهم. وهو يعترف أن أحدا منهم لم يفكر في سرقة أي من نقوده أو أملاكه, رغم كونه غريبا بينهم, في قفار الربع الخالي:
<<كانت نقودي مودعة في الخرج في أكياس من الخيش, وكان الخرج مفكوكا, ورغم أن رفاقي كانوا فقراء إلى حد مدقع, فإن النقود ظلت آمنة في الخرج كما لو كانت محفوظة في بنك. لقد عشت خمس سنوات مع البدو, ولم أفقد البتة مليما واحدا, أو حتى رصاصة, رغم أن الرصاص بالنسبة لهم كان أكثر قيمة من المال.>>(13)
في الصحراء, تقاسم البدو مع ثيسيجر, أو (امبارك, كما كانوا ينادونه), أي شيء لديهم: <<الماء الآسن>>, و<<الخبز النيئ>>, و<<لحم الجمال الصلب>>. ويعلق ثيسيجر بأن قانون الصحراء كان يقضي بتقاسم الطعام, بغض النظر عن ضآلته, بالتساوي بين رفاق السفر. وقد حدث مرة أن اصطادوا أرنبا بريا صغيرا, وبعد تقسيمه إلى الأجزاء المتساوية, استدرك ابن كبينه, الرفيق المقرب لثيسيجر, قائلا: <<الله ! لقد نسيت تقسيم الكبد>>, لكن الآخرين أصروا على أن( امبارك) ينبغي أن يأخذه. وقد قبله أخيرا بعد الاعتراض أن الكبد كانت يجب أن تقسم أيضا.(14) وفي مناسبة أخرى, عندما أُسِرَ ثيسيجر من قبل الوهابيين في منطقة (السليل) في الأراضي السعودية, فإن جون فيلبي الذي لعب دورا رئيسيا في تحريره, أعطى رفاق ثيسيجر بعض النقود. وحين تركوا السليل, أعطى محمد, دليل القافلة, ثيسيجر حصته من مال فيلبي, وقال له: <<هذا خمسه لك, نصيبك, نحن رفاق سفر وينبغي أن نتقاسم كل الأشياء على حد سواء>>.(15)
يتحدث ثيسيجر بشكل مدهش أكثر عن كرم البدو. يصور <<حفاوتهم السخية>> كأسطورة. في الصحراء, رأى الشيخ الذي بدا فقير جدا و<<جلده ارتخى متغضنا على تجويف بطنه>> من الجوع. وقد كان الانطباع الأول لثيسيجر أن الرجل ربما كان <<عجوزا شحاذا حقيقيا>>, لكنه علم فيما بعد أن العجوز كان أغنى رجل في قبيلته, وقد أفقره كرمه; لأن أحدا لم يأت إلى خيمته في أي وقت إلا نحر جملا لإطعامه. وفي مكان آخر, يروي ثيسيجر هذه القصة الغريبة:
<<لمحت ثانية وقد استأنست حين رأيت مجرد صبي يستحث اللحاق بنا. انتظرناه. كان مرتديا قميصا أبيض وعمامة, ومتمنطقا خنجرا. كان طوله أقل بكثير من أربعة أقدام, وربما يبلغ من العمر أحد عشر عاما. بعد أن تبادلنا معه الأخبار رسميا, وقف أمام جمالنا وقال, رافعا ذراعه: <<لن تواصلوا المسير>>. حينها قلت في سري, <<اللعنة, هل فعلا سيوقفنا هذا الطفل>> انتظر الآخرون في صمت. كرر الولد قوله: <<لن تواصلوا المسير>>, ثم أضاف, مشيرا إلى بعض الكثبان على بعد خمسة أو ستة أميال, <<يجب أن تأتوا إلى خيامي. سأنحر ناقة لغدائكم. سأعطيكم الشحم واللحم>>. اعترضنا, محتجين بأن علينا طريقا طويلا أن نقطعه قبل الغروب, لكن الطفل أصر. وأخيرا, أفسح الطريق لنا قائلا: <<إنه كل العيب, ولكن ماذا علي أن أفعل أكثر من ذلك>>.(16)
مظهرا كرم البدو الذي أدهش ثيسيجر بصورة كبيرة, كانت حفاوتهم بالغة, رغم فقرهم المدقع: <<أحضر مضيفونا لنا اللبن. نفخنا الرغوة جانبا وشربنا بكثرة, ألحوا علينا أن نشرب أكثر, قائلين: <<لن تجدوا اللبن في الصحراء أمامكم. اشربوا-اشربوا. أنتم ضيوفنا. لقد جلبكم الله إلينا- اشربوا>>. شربت ثانية , رغم علمي أنهم سيبيتون جوعى وعطاشى ذلك الليل, لأنه لم يكن لديهم أي شيء آخر, لا طعام ولا ماء.>>(16)
و كان الجانب الآخر لكرم البدو, والذي لم يستطع ثيسيجر أن يتحمله أحيانا, الإيثار. فمرة في الربع الخالي, بينما كانوا ينتظرون بلهفة طبق الأرنب البريّ الذي أعده ابن كبينه, وقد ظلوا شهرا لم يذوقوا طعم اللحم, نزل بهم فجأة بعض البدو الرحل في الصحراء. وبكل أريحية, كما يشير ثيسيجر, قدم رفاقه طبق الأرنب البري والخبز للقادمين الجدد, مؤكدين أنهم كانوا ضيوفهم وأن الله قد جاء بهم في ذلك <<اليوم المبارك>>!.(18) مثل برترام توماس, والذي كثيرا ما كان يضطر أثناء رحلته إلى أن يحرك معسكره بسرعة; لتجنب <<المتضورين الشرّد في الرمال>>, فإن ثيسيجر أيضا <<أغضبه>> و<<أثاره>> تطفل الضيوف الذين تلقاهم رفاقه بالرضا. ومع ذلك فإن ثيسيجر كان منبهرا <<بالكرم الباذخ>>, على حد تعبير مايكل أشر, للبدو إلى درجة أنه قارنه بسلوك قومه الإنجليز في تعاملهم مع الضيوف, منتقدا بشدة قلة اكتراثهم بالغرباء:
<<بالفعل, إن أسوأ وحدة هي أن تكون وحيدا في حشد من الناس. لقد كنت وحيدا في المدرسة, وفي المدن الأوروبية, حيث لم أكن أعرف أحدا, لكنني لم أكن وحيد أبدا بين العرب. لقد جئت إلى بلادهم حيث كنت غريبا , وقد مشيت في السوق فحياني صاحب محل, ودعاني للجلوس بجانبه في محله, وطلب لي الشاي. ثم تقدم أناس آخرون وانضموا إلينا. سألوني من أكون, ومن أين جئت, وأسئلة أخرى غير محدودة لا ينبغي أن نسألها نحن غريبا أبدا. وقد دعاني أحدهم للغداء, وفي الغداء قابلت عربا آخرين, حيث دعاني شخص آخر منهم للعشاء. وقد تساءلت بحزن كيف سيكون شعور العرب الذين نشأوا على هذه التقاليد لو أنهم زاروا إنجلترا, وتمنيت أنهم سيدركون أننا غير ودودين تجاه بعضنا البعض, تماما كما يمكن أن نبدو لهم.>>(19)
التسامح وحسن المعشر من القيم الأخرى التي وجدها ثيسيجر في الربع الخالي, حيث يؤكد رأي برترام توماس من أن عرب الصحراء كانوا أكثر تسامحا من أبناء المدينة. يزعم ثيسيجر أن رفاقه البدو-رغم أن المتنطعين من أهل المدن يستهزئون بجهلهم للإسلام- كانوا منضبطين في صلواتهم ويصومون رمضان بالرغم من العطش والجوع في الصحراء, غير أنهم لم يكونوا متعصبين. ومرة عندما سأله أحدهم, لماذا لا تصبح مسلما حيث ستكون فعلا واحدا منا>>, ضحكوا ولم يغضبوا منه عندما رد مازحا: <<أعوذ بالله من الشيطان>> مستحضرا الدعاء الذي يقوله المسلمون عادة في رفض أي شيء مشين أو مخيف.(20) أثنى ثيسيجر كثيرا على تسامح رفاقه البدو الذين عاملوه - وهو غير مسلم- بأدب ولطف, بينما كان التعصب الديني منتشرا في ذلك الوقت عبر الأجزاء الغربية والشمالية من الجزيرة العربية, وأيضا في داخلية عمان. ففي المناطق الوهابية, شهد ثيسيجر المظاهر القبيحة للتعصب. في تهامة, رأى بعض الأولاد الذين قطعت أيديهم ببساطة لأنهم قد ختنوا على الطريقة التي لم يرض عنها الملك, وفي بلدة السليل, اعتقل هو ورفاقه من قبل الوهابية الذين نظروا إليه على أنه <<كافر>> وأن رفاقه <<عرضوا أنفسهم في خدمة كافر من أجل الذهب>>. ويدعي ثيسيجر أنه حيثما مروا في تلك المنطقة كان الرجال المسنون يبصقون على الأرض, والأطفال يتبعونهم ويغنون بازدراء, النصراني... النصراني.(21) ويخبرنا أيضا أنه عندما صدم بعض الوهابيين رفاقه بسؤال: لماذا لم يقتلوه في الرمال ويأخذوا ماله>>, غضب أحدهم وقال لثيسيجر مواسيا له:<<إنهم كلاب وأبناء كلاب.... يقولون إنك كافر, لكنك أفضل مئات المرات من مثل هؤلاء المسلمين.>>(22) كذلك يذكر ثيسيجر أنه حين خيموا ليلا في (طوي ياسر) في داخلية عمان, ليتجنبوا انتشار أخبارهم في أراضي الإمامة حتى لا يتم اعتقالهم, انضم إليهم رجل عجوز متعصب. فبعد تقديم التمر والقهوة له, قام وصلى بشكل مطول, ثم جلس معهم صامتا لم ينبس بكلمة, وكان <<يعبث بلحيته>>. ولكن عندما حاول البدو تسلية أنفسهم بشيء من النكت, استشاط الرجل غضبا وانتهرهم قائلا بأنهم ينبغي عليهم أن لا يرافقوا كافرا. لكن أحدهم رد عليه بقسوة كي يطرده: <<إنني قد لا أفقه في المسائل الدينية, لكني على كل حال لا أقضي طوال الوقت أصلي وأهرش مؤخرتي مثلك>>.(23)
على خلاف هذا الأسلوب غير الودود من المعاملة من قبل بعض المسلمين المتعصبين, فإن ثيسيجر وجد الملجأ في الصحراء, حيث رأى الكرم والتسامح في أقصى صورهما. ويعطي هذا المثال:
<<وصلنا إلى (باي) بعد خمسة أيام من مغادرتنا (حوشي).....و حين اقتربنا من قمة الكثيب, ظهر عليه فجأة شخص صغير الحجم, كان (ابن عوف) الذي صرخ مهللا بقدومنا ونزل من على التل إلينا. وأقبل العجوز (طماطم) يعرج نحونا, فنزلت متيبسا من فوق ناقتي وحييتهم. طوقني الشيخ بذراعيه, والدموع تجري على خديه, وقد بدا متأثرا حتى لم يستطع أن يتماسك. وقد أعرب عن سخطه الشديد عندما تركني رجال (بيت كثير) وعادوا من (رملة الغافة), وقال إنهم قد جلبوا عارا شنيعا على قبيلته حين تخلوا عني.>>(24)
في الربع الخالي, لمس ثيسيجر كل قيم الصحراء: التحمل, والنبل, والوقار, والحفاوة, والتسامح. حتى في شيخوخته, فإنه ظل يتذكر تلك <<السنوات الخمس الأبرز في حياته>>:
<<لم أنس أبدا الحفاوة البالغة للبدو, وكرمهم بأي مال يملكونه حتى لو تركهم مفلسين, كما لم أنس أمانتهم المطلقة, ولا اعتزازهم بأنفسهم وقبائلهم, ولا إخلاصهم لبعضهم البعض أو إخلاصهم لي على الأقل, أنا الغريب الذي أتيتهم من بلد أجنبي ودين مختلف, الإخلاص الذي كاد أن يكلفهم حياتهم أكثر من مرة.>>(25)
ثيسيجر وجد ضالته في الربع الخالي, إن جاز التعبير. يعلن أن في الصحراء, رغم قحطها, لم يشعر أبدا بالحنين إلى الوطن وإلى المراعي والغابات الخضراء في الربيع, لكنه عندما كان في إنجلترا <<تاق, بألم كاد أن يكون جسديا, للعودة إلى الجزيرة العربية.>>(26) وفي موضع آخر, يفصح عن نوع حاد من النوستالجيا, فبعد المعاناة من عدد من ليال الجوع في الصحراء, يقول: <<إذا كنت في لندن, سأعطي أي شيء لأكون هنا>>.(27) يبرّر ثيسيجر هذا الشوق للربع الخالي بإيمانه أن البدو أخذوا قيمهم من الصحراء: فطرتهم الدينية العميقة, وتقديرهم لرفقة السفر, والكرم, والوقار, والمرح, والشجاعة, والتحمل, وحب الشعر. لكنه يؤكد بأنه إذا ما أدخلت الحياة الحديثة إلى مجتمعهم, فإنهم عرضة لأن يتخلوا عن كل هذه القيم, ويصبحوا <<بروليتاريا طفيلية تجلس القرفصاء حول حقول النفط, في القذارة العفنة لمدن الأكواخ.>>(28) وهذا يعني في الحقيقة أنه يتوق للماضي كزمن مثالي للحياة. وهذه هي النوستالجيا على حقيقتها. وحسب ما يرويه مايكل أشر, فإن ثيسيجر يتمنى ألا يعيش في القرن العشرين, بل يحلم أن يرجع إلى العصر الإدواردي.(29) وفي كتابه الرمال العربية يؤكد أنه <<كان يتوق إلى الماضي, ويستاء من الحاضر, ويخاف من المستقبل.>>(30) فلسفة ثيسيجر, إن جاز التعبير, والتي لخصها في هذه العبارات الثلاث, تتضح في كل كتاباته.(31) وإذا أخذنا هذا في الاعتبار, فإننا قد نتفهم الحرب الشعواء التي يشنها ضد الحضارة الغربية.
في مقدمته لـ<<الر مال العربي ة>>, يصرّح ثيسيجر أنه عندما عاد إلى عمان وأبوظبي في عام 1977 أصيب بـ<<امتعاض وخيبة أمل>> لما رآه من تغيير وتمدن جلبه اكتشاف النفط في المنطقة. ويقول إن حياة البدو التقليدية التي قد جربها أثناء <<سنواته الخمس المتميزة>> في الربع الخالي قد دمرت بإدخال السيارات والماكينات. والحقيقة أنه قد تنبأ بمثل هذه التغييرات و<<التفكك>>-على حد قوله- في المنطقة في عام 1948 عندما كتب قصة رحلته الثالثة حول الربع الخالي: <<أدرك أنهم وأسلوب حياتهم مفارقة تاريخية, وأنهم عرضة للانقراض>>, ولذلك تجنب, كما يدعي, أي اتصال مع شركات النفط, والتي قد بدأت في استكشاف بعض أجزاء عمان.(32) ولهذا فإن لعن مظاهر الحضارة الغربية ومقتها يشكل ثيمة دائمة في كتابة ثيسيجر:
<<لقد كرهت الماكينات طوال حياتي. ويمكنني أن أتذكر كيف قد امتعضت في المدرسة من قراءة الأخبار أن شخصا ما قد طار فوق الأطلنطي أو سافر عبر الصحارى في سيارة. وقد أدركت حينها أن السرعة وراحة المواصلات الميكانيكية ستسرق من العالم خاصية التنوع.>>(33)
على حد تعبير شارلوت إدواردز, فإن ثيسيجر <<ببساطة يقلب القيم الغربية على رأسها>>.(34) فهو, يهاجم بشراسة الولايات المتحدة الأمريكية, معتقدا أنها تحاول فرض ثقافتها التكنولوجية المادية الأجنبية على الشعوب في كل أنحاء العالم, ويرى الأمريكيين, كما يشير مايكل أشر, على أنهم أناس وقحون متكبرون, تعوزهم الأصول, والتاريخ, والتقاليد, بل يراهم على أنهم <<كارثة كاملة>>.(35) ويدعي سايمون كورتولد أن ثيسيجر مرة صدم , أثناء الاستماع للأخبار ولتقرير اللجنة التابعة للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية: <<اللعنة, من هم حتى يقرروا للدول الأخرى كيف تتصرف>> ينبغي احترام الحقوق المختلفة للشعوب وثقافاتها- لماذا يكون لأمريكا القدرة على فرض قيمها على بقية دول العالم>>.(36)
من ناحية أخرى, فإن ثيسيجر مدح الحضارة الإسلامية, واعتقد أن قيمها النبيلة كفيلة ببقائها:
<<لقد بدا لي من غير الخيالي كليّا, الافتراض أن حضارات اليوم إذا آلت إلى الاختفاء تماما كما حدث لحضارتي بابل والمملكة الآشورية, فإن كتب التاريخ المدرسية, لألفي سنة من الآن, قد تكرّس بعض الصفحات للعرب, دون أي ذكر للولايات المتحدة الأمريكية>>.(37)
فلسفة ثيسيجر, كما أشرت سابقا, مبنية على أساس أن الماضي هو زمن الحياة المثالية. فهو يعتقد أن نبل العرب جاء من الصحراء, في الوقت الذي كان فيه هناك فقر, وحياة بدائية شاقة, وقدرة على التحمل. وعندما أصبحت الجزيرة العربية غنية بإنتاج النفط, نتج عن ذلك <<الانحطاط>> و<<الهلاك>>. ونرى أحد الرحالة المتأخرين إلى الجزيرة العربية, جوناثان رابان, يتبنى فلسفة ثيسيجر ويضعها بوضوح في هذه الكلمات:
<<لقد خان العرب حلما إنجليزيا جوهريا حول ما ينبغي أن يكونوا عليه. تعلمنا أن نحبهم على أنهم, بشكل بطولي , بسطاء وفقراء, أما الآن, مع شركات استثمارهم المتعددة الجنسيات, ورجال أعمالهم المسافرين على طائرات الكونكورد, وبيوتهم الريفية الإنجليزية, وكاميراتهم ومعداتهم الصوتية العالية الجودة, وسياراتهم الباهظة الثمن, فإنهم قذفوا أوهامنا العاطفية في وجوهنا.>>(38)
هاجم ثيسيجر الحياة الغربي ة الحديثة, مختزلا إياها في الثقافة الأمريكية, كما رأينا سابقا. ويضيف مايكل أشر بأن ثيسيجر أيضا انتقد هذه الحياة في بريطانيا اليوم, فهو يقول: <<هناك فساد في إنجلترا, حيث لا تقدير للقيم القديمة للحياة. اليوم, إذا ذكرت الوطنية, على سبيل المثال, ستكون موضع سخرية.>> وهو إذا امتدح بلاده فإنه يمتدحها في شكلها القديم, أيام الإمبراطورية البريطانية, إذ يقول: <<لا توجد إمبراطورية في تاريخ العالم تضاهيها في إنسانيتها وتفانيها في توفير السعادة لرعاياها.>>(39) ولذلك فإن الحنين إلى الماضي يقف خلف فلسفة ثيسيجر في رفضه للحضارة الغربية. فهو يتوق إلى الجزيرة العربية القديمة وإلى الإمبراطورية البريطانية, ولكنه يلعن أمريكا الحاضرة.
وقد وجه بعض النقاد انتقادا شديدا لفلسفة ثيسيجر هذه, فقد وصفوها بـ<<الرومانسية المفرطة>>. يقول هيلجا غراهام أن ثيسيجر لم يدرك أن قدرة التحمل بالنسبة للبدو لم تكن <<رياضة مازوشية>> يستعذبونها, وإنما كانت فقط البديل الوحيد في أيديهم.(40) ويتساءل بيتر برنت أيضا حول رومانسية ثيسيجر: <<هل الفقر, والمشقة, والخطر, والاحتمال الحتمي للموت هي الثمن الذي ينبغي أن يدفعه الناس لقوانين الشرف, والحرية, والشجاعة الغريبة التي يسعون إليها>> هل هذا هو الثمن الذي يود أي منا أن يدفعه>>(41) ويعتبر مايكل أشر, كاتب سيرة ثيسيجر, من أشد المنتقدين لمثل هذه الأيديولوجية, والتي يصفها بـ<<الرومانسية الأنانية>>. يعتقد أشر أن التغيرات في حياة البدو لم تجد هوى في نفس ثيسيجر; <<لأنه كان ينظر إلى البدو من منظور جمالي محض - لا كواحد تورط في حياتهم إلى الأبد.>>(42) والحقيقة, أن أي شخص يعرف كيف كانت الجزيرة العربية قبل اكتشاف النفط لن يتقبل النوستالجيا التي ينادي بها ثيسيجر. فالنفط كان لكثير من الناس في المنطقة مخرجا من الجوع, والفقر, والمرض, والجهل, والموت. وفوق هذا, فإن التحدي الحقيقي لرومانسية ثيسيجر هو التساؤل عما إذا كان هناك تصادم بين الثروة والنبل, أو تلازم بين الفقر والشرف. والأهم من ذلك, فإن ثيسيجر وبقية الرحالة الرومانسيين إلى الجزيرة العربية, بخلاف شعوب المنطقة, جاءوا بشكل مؤقت, وكان لديهم اختيار المغادرة في أي وقت. إضافة إلى ذلك, فإنهم اختاروا, عمدا, السفر في المنطقة في فصل الشتاء, متجنبين الحرارة الشديدة والظروف القاسية التي كان يعاني منها سكان المنطقة في فصل الصيف. لقد قدموا إلى المنطقة <<لاكتشاف المجهول>>, ولم تكن لديهم النية للبقاء أو أن يكونوا بدوا في الصحراء. ثيسيجر, نفسه, يصرّح بأنه لا يمكن أن يكون بدويا: <<لم أخدع نفسي بإمكانية أن أكون واحدا منهم>>.(43) كما أنه أيضا, فيما بعد, أخبر صديقه الحميم وكاتب سيرته الرسميّ أليكساندر ميتلاند بأنه <<كان سعيدا في أن يعيش في عالمين, رفاهية إنجلترا وقسوة الجزيرة العربية: أحب إبقاء العالمين مختلفين تماما>>.(44) ولهذا فإن الربع الخالي كان بالنسبة لثيسيجر والرحالة الرومانسيّين الآخرين <<مثالية قاسية>>, إذا أردنا أن نستعير كلمات جوناثان رابان.(45) وترى سيراين هاوت أن الصحراء العربية, رغم قسوتها, احتوت على شيء من <<حبيبات المدينة الفاضلة>> وأنها كانت لثيسيجر <<واحة مؤقتة>> فقط, تمكن فيها من أن يخفف من عطشه للمجهول.(46)
لم يأت ثيسيجر إلى الربع الخالي, خالي الوفاض. بالطبع, فإن قراءته لبطله النموذجي, توماس إدوارد لورانس, والمعروف بلورانس العرب, وبقية الرحالة البريطانيين في جزيرة العرب, أمثال: ريتشارد بيرتون, وتشارلز داوهتي, وبرترام توماس لعبت دورا أساسيّا في تشكيل خياله حول الصحراء. وفي إيتون, قرأ ثيسيجر كتاب يوثين لأليكساندر كينجليك, وروايات أخرى حول <<الشرقيين>> مثل روايتي كيم لرديارد كيبلينج, واللورد جيم لجوزيف كونراد. ويصرح ثيسيجر بأن هذه القصص منحته <<كل سحر الشرق>>.(47) والجدير بالذكر, هنا, هو أن كينجليك, رغم رؤيته للصحراء واصطحابه <<البدو الحقيقيين>>, فإن انطباعه عنهم يختلف عن رؤية ثيسيجر. فقد بدت الصحراء لكينجليك على أنها <<جوف مروع, دون أية فرصة للعزلة; لأن عرب الصحراء كانوا خلقا, رفقتهم حماسية, ويصرخون في بعضهم البعض>>.(48) وبخلاف ثيسيجر الذي كان يتألم أثناء بعده عن الربع الخالي, ويحن إلى العودة إليه حنين الإبل, فإن كينجليك <<دائما كان يشمئز من العودة إلى الصحراء>>.(49) ومع ذلك, فلربما وجد ثيسيجر في وصف كينجليك للصحراء ما شحذ مخيلته حول قفار الربع الخالي وقسوتها. كما في هذه القطعة مثلا:
<<أصبحت الحرارة شرسة , لم يكن هناك واد , ولا غور , ولا هضبة , ولا رابية , ولا حتى ظل لأي شيء مما يمكنني من استرشاد الطريق. كلما تقدمت ساعة بعد ساعة, لم أر أي تغيير - وظللت المركز الحقيقي لأفق مستدير, كل ساعة تقدمت , والوضع نفسه لم يتغير, نفسه, نفسه - الدائرة نفسها لسماء ملتهبة - الدائرة نفسها لرمل , ظل يتوهج ضوءا ونارا>>.(50)
أما رواية كيم, التي نشرت أولا في عام 1901, فإن النقاد يعتبرونها من أفضل روايات كيبلينج. إدوارد سعيد, في مقدمته لطبعة البينجوين, 1987, يعتبر كيم <<تحفة إمبريالية>>.(51) وقد قرأ ثيسيجر, حسبما يروي مايكل أشر, رواية كيم أربعين مرة, وهو بكل سعادة يود لو يقرأها أربعين مرة أخرى.(52) وما هو جدير بالملاحظة هنا, أن هناك تشابها بين شخصية ثيسيجر وشخصية كيم, بطل الرواية. كان كيم ولدا يتيما لأب أيرلندي. وقد ولد في الشرق (في الهند) حين كان أبوه يعمل في خدمة الإمبراطورية البريطانية. وبالرغم من أنه لبس وفكر كواحد من الهنود, وأن جلده <<احترق بلون السواد>> كأي من أبناء البلد الأصليين, وأنه كان سعيدا بين الشعب البائس في لاهور, كان يعتقد بأنه مختلف عنهم: <<أنا لست صاحبا. أنا فقط أحد المريدين, ورأسي ثقيل على أكتافي>>.(53) كذلك, فإن نزعته وميله إلى صحبة الر جال, دون النساء, يمثل وجها آخر في تقارب شخصيته مع شخصية ثيسيجر. فمن إحدى الروابط بين كيم والقس البوذي (لاما), على سبيل المثال, هي عدم رغبتهما في النساء; فهما يعتبران المرأة عقبة أمام طموحاتهما العليا: <<كيف يمكن للمرء أن يتبع الطريقة أو اللعبة العظيمة, عندما يضايق بشكل دائم من قبل النساء>>(54) ولحدٍ ما, فإن ثيسيجر لديه نفس خصائص شخصية كيم. فقد ولد ونشأ في الشرق أيضا, في أديس أبابا, كما أنه كان سعيدا بين البدو, يلبس مما يلبسون ويأكل مما يأكلون, دون أن يخالجه شعور بإمكانية أن يكون واحدا منهم في الحقيقة.
ورواية اللورد جيم, التي نشرت أصلا في إدنبرة بمجلة بلاكوود عام 1900, أعيد نشرها عام 1901 في نيويورك مذيلة بعنوان <<قصة رومانسية>>. والحقيقة أن رؤية ثيسيجر الرومانسية للجزيرة العربية, وأفريقيا لها أصولها في أعمال كونراد, خاصة اللورد جيم, والتي يقول عنها تريسي سيلي بأن رومانسيتها واضحة من حيث <<استكشاف الطموح البشري , ليس ببساطة إلى حد المثل الأعلى, لكنه, يقينا, إلى حد المستحيل>>.(55)
في أوكسفورد درس ثيسيجر التاريخ, وكان لديه, كما يقول, <<تصور رومانسي, وليس موضوعيا, للتاريخ>>, كما أنه كان يعتبر الإسكندر الأكبر أحد أبطاله الأهم .(56) وقرأ في أكسفورد, أيضا, بلاد العرب السعيدة لبرترام توماس والذي أعطاه <<بعض الإعجاب>> بحياة البدو, كما قرأ كتاب لورانس ثورة في الصحراء, والذي, كما يؤكد, <<أيقظ>> اهتمامه بالعرب.(57) ورغم أن معظم الرحالة البريطانيين من أمثال داوهتي, وبيرتن وتوماس, بصفة عامة, كانوا الآباء الروحيين لثيسجر, فإن لورانس كان له نصيب الأسد في الاستحواذ عليه. كان معجبا به بشدة, وقد تأسف كثيرا أنه لم يقابله, حيث يقول: <<كنت سأبذل المستحيل للقائه [...] والحقيقة أنه لم يكن هناك شخص وددت لو التقيت به أكثر منه>>.(58)
و من يقرأ كتابات لورانس يمكنه اكتشاف بعض جوانب تأثيرها على ثيسيجر, خاصة فيما يتعلق بنظرته المثالية للبدو. فقد تحدث لورانس,قبل ثيسيجر, عن الشخصية الفريدة لسكان الصحراء وتميزهم عن غيرهم في القدرة على تحمل شظف العيش, إذ يؤكد بأن <<طرق البدو في الحياة كانت صعبة حتى لأولئك الذين تربوا معهم, وهي للغريب أفضع: إنها موت في حياة>>. كذلك فقد سبق لورانس ثيسيجر بالتغني بشجاعة البدو, وحريتهم, وصبرهم, وتفوقهم على أبناء المدن. وهذه الاقتباسات من كتاباته تؤكد هذه الفكرة: <<إن البدوي تخلص من جميع العلائق المادية, ووسائل الراحة, وكل الحاجات الفائضة, والتعقيدات الأخرى; لتحقيق الحرية الشخصية التي تلازم معها الجوع والموت.>>.... <<لم يجد عربي الصحراء متعة كمتعة كبح النفس طوعا. لقد وجد الغنى في الزهد, ونكران الذات, وضبط النفس>>.... <<إن إيمان الصحراء مستحيل في المدن>>. وحتى فكرة المناحة ورثاء الحياة البدوية, الفكرة التي تتردد كثيرا في كتابات ثيسيجر, نجد لها أصولا عند لورانس, الذي يقول: <<إنهم لم يعودوا الآن بدوا, وبدأوا في المعاناة, مثل القرويين, من الدمار>>.(59) وقد قرأ ثيسيجر أيضا بلاد العرب السعيدة لتوماس, لكنه, حسبما يروي مايكل أشر, وجده <<مملا>>, بل يرى أنه <<يكاد يكون سيئا لأن البدو لم يظهروا فيه كشخوص بارزة.>>(60) كما أن ثيسيجر, في نعيه لتوماس, اعتبر رحلة هذا الأخير في الربع الخالي سهلة ويسيرة لأنه اختار <<أسهل الطرق, حيث تلال الرمل صغيرة, وآبار المياه وفيرة>>. ولذلك فإنه فضل على عمل توماس كتاب الربع الخالي لجون فيلبي, إذ يعتقد أن طريق فيلبي في الربع الخالي كان <<أكثر صعوبة>>, وأن رحلته <<سوف تبقى دائما ملحمة السفر في الصحراء>>.(61) وبنفس الرؤية, اعتبر ثيسيجر استكشافات كل من جيمس ويلستيد وصمؤيل مايلز, الذين اخترقا داخلية عمان في 1935 و1885, على التوالي, على أنها إنجازات سهلة لأنهما <<قاما بالسفر تحت حماية سلطان مسقط>>(62) ومن الواضح جدا, أن فلسفة ثيسيجر الآنف ذكرها بأنه <<كلما اخشوشنت الحياة, كلما كان المرء أسمى وأرفع>>, تقف وراء معظم آرائه سواء حول الرحالة أنفسهم أو من يرتحلون إليهم. هذا, وقد دافع ثيسيجر عن مواقفه نحو البدو والصحراء,منكرا أن الرومانسية كانت وراء حب الرحالة البريطانيين للجزيرة العربية:
<<الرحالة البريطانيون في الجزيرة العربية متهمون كثيرا بالمواقف الرومانسية عن العرب. قد يكون هذا صحيحا بالنسبة للبعض, لكنه قلما ينطبق على أولئك الذين تقاسموا الحياة والحرمان, لفترة طويلة, مع رفاقهم البدو. بيرتون, وداوهتي, وفيلبي لم يكونوا أبدا رومانسيين في مؤلفاتهم عنهم. وربما كان لورانس رومانسيا في شبابه حينما كان في كارتشميش, لكنه بالتأكيد لم يكن كذلك في الوقت الذي وصل فيه إلى دمشق>>.(63)
قد يكون المفتاح في تفسير نوستالجيا ثيسيجر إلى الأماكن البعيدة والحياة البدوية, يكمن أيضا في هويته الشخصية. فالرجل منذ مولده في الحبشة إلى أواخر عمره لم يعش في موطنه, بريطانيا, إلا لماما, وهذا ربما كان له دور كبير في تشكيل رؤيته في الحياة. حتى عندما ذهب إلى إنجلترا للدراسة, كان غير قادر على أن يتكيف مع سلوك أترابه من الأطفال الإنجليز; لأنه, كما يزعم, كان يروي لهم قصصه عما رآه في الحبشة, فتلقوها <<بالتكذيب والسخرية>>, وبالتالي فقد قرر <<أن ينكفئ إلى نفسه>>.(64) وبالمقابل, أيضا, فإنه في أيامه المبكرة لم تكن لديه أبدا صداقات حميمة مع خدم عائلته من الأحباش, بل كان لديه شعور <<بالتفوق عليهم>>, كما يصرح بذلك.(65) لكنه, يؤكد فيما بعد, أثناء أسفاره المتعددة, أنه وجد الانجذاب للأجناس والألوان المختلفة أكثر من الانجذاب إلى مواطنيه:
<<بغرابة, وجدت هذه الصداقة يسيرة جدا بين الأعراق المختلفة عني. وهذه السمة, ربما يمكن إرجاعها إلى الر فض المؤلم, الذي عانيت منه من قبل أترابي في المدرسة الإعدادية, عندما كنت طفلا صغيرا وصل متأخرا من الحبشة إلى عالم إنجليزي أجنبي>>.(66)
مع ذلك, فإن شخصية ثيسيجر من الصعب اكتناهها, وتبدو غامضة جدا. إن من الصعب أن تقول بأنه وجد نفسه في جنس ما أو ثقافة معينة. فالتناقضات الموجودة في كتبه تقودنا إلى مثل هذه الحيرة والغموض في شخصيته. فبينما هو يحتفي بإنجليزيته ويشعر بالفخر عندما كان وسط مواطنيه من الجنود البريطانيين العاملين في (ر.إي.ف (R.A.F)) في عمان: <<كنت فخورا لأن أكون من جنسهم... وهم بأي اعتبار, لم يكن لهم نظير في العالم>>, يؤكد أنه<< لم يكن من الممكن أن يجد الرضا بينهم أبدا.>> وهو إلى حد ما, حاول إيجاد هذا الرضا بين البدو, رغم قناعته بأنه << يجب ألا يكون واحدا منهم أبد ا>>.(67) كذلك فإنه عندما جاء إلى الربع الخالي قرر لبس الثوب العربي لكي يتجن ب بعض القبائل العدوانية وبعض مشاق السفر في الصحراء. على أنه في الوقت نفسه, يستعذب, بدرجة مازوشية, الظروف الصعبة التي واجهها في عبوره للرمال, ويؤكد أن <<إعجابه بهذه الر حلة لا يكمن في رؤية البلد ذاته, لكن في رؤيته تحت مثل هذه الظروف>>!(68) كذلك, تجده يدافع عن الإمبراطورية البريطانية, مدعيا استحالة أن يستطيع أحد إعطاء مثال واحد على <<وحشيتها أو ظلمها>>, لكنه, نفسه, ينتقد الإمبراطورية بقوله: <<لا يمكنني أن أنسى كيف قمنا بالقتل, بسهولة, أثناء الحرب>>.(69) حتى صورته للبدو, الذين عظمهم لكرمهم, وشجاعتهم, ونبلهم, غير متجانسة. انظر, مثلا, هذه الفقرة التي تظهر المفارقات الكبرى لشخصيات البدو:
<<إنهم من الصعب أن تقيمهم; لأنهم كتلة من التناقضات. تجدهم طماعين وجشعين, يتكلمون باستمرار عن المال, ويتجادلون, طويلا, بغضب حول دولار: ثم ينحرون جملا قيمته مائة وخمسون دولارا لإطعام غريب. كما أنهم يتقاسمون دائما طعامهم وماءهم, مهما قل , مع كل القادمين إليهم, وبإسراف مفرط. وكما أن السرقة التافهة لا يكادون يعرفونها, ويمكنك أن تترك نقودك منيعة عندهم, تجدهم يتسولون بدون خجل, ويحاولون التملق بشكل طفولي تعوزه اللباقة, ليحققوا مآربهم في النهاية. هم مخلصون لبعضهم البعض, والجريمة الأكثر قبحا عندهم تكون في هجر رفيق على الطريق, ومع ذلك فإنهم لا يراعون الحياة البشرية, وبإمكانهم أن يقطعوا حلق صبي من الرعاة أعزل, دون اكتراث. وتجدهم سعداء ومستمتعين, ونفوسهم رضية بوجه عام , إلا أنهم سريعو الغضب, إذا أثيروا, ويهبون لدفع الضيم عنهم>>.(70)
و شخصية ثيسيجر المعقدة تجعله دون شك مختلفا عن نظيريه, في اختراق الربع الخالي, برترام توماس وجون فيلبي. رحل كل من توماس وثيسيجر إلى جنوبي عمان والربع الخالي في النصف الأول من القرن العشرين. وعلى الرغم من أنهما ارتحلا في نفس المكان وبين نفس البشر, فإن كتاباتهما تكشف عن دوافع, وموضوعات, ومواقف مختلفة لكل منهما. جاء توماس إلى المنطقة مدفوعا برغبة الشهرة وأن يكون الأوروبي الأول في عبوره للصحراء <<العذراء>> للربع الخالي. إضافة إلى اهتمامه في خدمة الإمبراطورية بجمع معلومات عن <<الشعوب المجهولة>> لجنوبية عمان. أنجز توماس ما قد حلم به لورانس من قبل, أن استكشاف الصحراء العربية <<سينهي المعرفة البريطانية للأرض.>> وبالرغم من أن ثيسيجر, لحد ما, ساهم في هذا المشروع, فإن حبه الشخصي للبدو والحياة البدوية أكثر جلاء في قصة رحلته. فالمقاسات الأنثربولوجية لأهل ظفار التي عني بها توماس لم تكن لتلائم فلسفة الاستكشاف الرومانسية الخاصة بثيسيجر. وموضوعات الصبر, والشجاعة والنبل هي الأفكار السائدة في كتاب الرمال العربية, بينما بلاد العرب السعيدة يطغى عليه اهتمام بالحياة الحيوانية, والنباتية, وعلم الأجناس. وعليه, فإن أسلوب كل من العملين مختلف بوضوح عن الآخر. الر مال العربية صيغ في لغة أدبية تصف حياة الصحراء كملحمة, بينما كتب بلاد العرب السعيدة بأسلوب يمزج بين العلم والأدب. وهذا ما يفرقه عن اللغة المنسابة في عمل ثيسيجر. وللنظر, مثلا, إلى هذه القطعة التي يرسم فيها ثيسيجر بورتريه ل(عروق الشيبة), أعلى كثيب رملي في الربع الخالي, عندما استوى هو ورفاقه على قمته:
<<نظرت من حولي, أبحث بالغريزة عن مهرب ما. لم يكن هناك حد لمد بصري. في مكان ما في هذا المدى المطلق, اندمجت الرمال في السماء, وفي ذلك الفضاء اللامتناهي, لم أستطع أن أرى أي كائن حي , ولا حتى نباتا ذابلا يمكن أن يعطيني بعض الأمل. وجال في خاطري: <<لا ملجأ هناك يمكن أن نأوي إليه, ولا يمكننا الرجوع, وليس بمقدور جمالنا أن تصعد مرة أخرى أيا من هذه الكثبان الفظيعة. لقد انتهينا, فعلا>>. غمرني الصمت, وكتم على أصوات رفاقي وحركة جمالهم.(71)
تجعل هذه اللغة الدرامية القارئ يشعر كما لو كان يقرأ رواية لا قصة رحلة فحسب, الأمر الذي يفسر سرعة انتشار كتاب الرمال العربية, وترجمته إلى عدد من لغات العالم, منها العربية, والفرنسية, والألمانية, والسويدية. ورب ما يعود الاختلاف الأسلوبي بين عمل توماس وعمل ثيسيجر إلى ظروف كتابة كل منهما. بلاد العرب السعيدة, فيما يبدو, كتب على عجل; إذ أن توماس ألف كتابه فورا بعد أن أنهى رحلته في الربع الخالي في عام 1931; لأن الطبعة الأولى للكتاب ظهرت عام 1932. لكن ثيسيجر انتظر عشر سنوات, حتى فكر في إنجاز عمله الرائع عام 1959.
كما أثرت دوافع كل من المغامرين ليس على موضوعاتهما وأسلوب كتاباتهما فحسب, لكن ها صبغت أيضا مواقفهما واتجاهاتهما نحو المنطقة. جاء توماس إلى الربع الحالي كوزير, مصحوبا بخادم يخدمه, وقد عامله رفاقه بهذه الصورة. وعندما سأل ثيسيجر البدو عن برترام توماس, أجابوه - رغم تذكرهم له <<كرفيق جيد>> - بأنه كان <<يفضل النوم بمنأى عنهم>>.(72) في حين أن ثيسيجر اختلط مع رفاقه في الرمال, ويصرّح بأنه كان <<متلهفا>> لأن يتصرف كما كانوا يفعلون حتى <<يقبلوه كواحد منهم>>.(73) وإذا كان الشعور <<بالتفوق>>, يمكن أن يظهر في كتابات توماس, فإنه من الصعب أن تنسحب هذه الفكرة على ثيسيجر, الذي عبر عن <<دونيته>> حين قارن نفسه برفاقه البدو فيما يتعلق بتحملهم وكرمهم. حتى أنه عندما أنجز عبوره للربع الخالي, أخبر جمهور (الجمعي ة الجغرافية الملكية), الذين كانوا يستمعون لكلمته أثناء مراسم منحه (ميدالية المؤسس), بأنه يدين بكل شيء للبدو: <<لقد منحتموني ميدالية ذهبية لهذه الرحلات, لكنهم هم الذين علموني ما لا أعلم عن الترحال في الصحراء, وبدونهم ما كان لي أن أخطو عشرة أميال>>.(74) وأخيرا, فإن قارئ الكتابين سيكتشف في النهاية بأن برترام توماس جاء لاستكشاف المنطقة, بينما جاء ويلفريد ثيسيجر, ببساطة, لاستكشاف نفسه.

(منقول بتصرف)







توقيع الطائر المهاجر
 
  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2008, 02:18 AM   رقم المشاركة : 2
ابومياس
محمد الشمري/شاعر/عضو شرف
 الصورة الرمزية ابومياس






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :ابومياس غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب


حفظوا الرحالة والمستشرقين لنا

بعض التاريخ بينما نحن نسينا تاريخنا

شكرا ابو عبدالله







توقيع ابومياس
  رد مع اقتباس
قديم 24-05-2009, 03:35 AM   رقم المشاركة : 3
همس الورد
عضو شرف
 الصورة الرمزية همس الورد






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :همس الورد غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب


مشكووووووور

طرح رائع و مميز







توقيع همس الورد
 
  رد مع اقتباس
قديم 25-05-2009, 06:52 AM   رقم المشاركة : 4
نفحات حساسة
عصو شرف
 الصورة الرمزية نفحات حساسة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :نفحات حساسة غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب


تسلم يالطائر
مجهود ليس بقليل..لا هنت







توقيع نفحات حساسة
 
  رد مع اقتباس
قديم 10-09-2009, 02:59 AM   رقم المشاركة : 5
عالي مستواها
عضو شرف
 الصورة الرمزية عالي مستواها





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :عالي مستواها غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب


طرح رائع
تسلم يمينك







توقيع عالي مستواها
 

،،لاإله إلا الله ..أجمل العبارات إن ضاقت الكربات ،،و زادت الآهات واشتدت الأزمات ،،
فاللهم ارزقنا نطقها عند الحاجات ونجنا بها بعد الممات
  رد مع اقتباس
قديم 10-09-2009, 10:55 PM   رقم المشاركة : 6
حي الضمير
خالد الحمد/ شاعر/عضو شرف
 الصورة الرمزية حي الضمير





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :حي الضمير غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب


موضوع رائع ومفيد
جزاك الله خير ونفع بقلمك






توقيع حي الضمير
 
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
  رد مع اقتباس
قديم 01-12-2009, 05:48 PM   رقم المشاركة : 7
الخنساء
عضو شرف
 الصورة الرمزية الخنساء





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :الخنساء غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب


شكرا مشرفنا

معلومات تاريخيه قيمه

لاهنت وام طرحك






توقيع الخنساء
 
  رد مع اقتباس
قديم 11-04-2010, 11:42 AM   رقم المشاركة : 8
داعي الشوق
سعود العتيبي /شاعر/نائب المشرف العام
 الصورة الرمزية داعي الشوق






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة : داعي الشوق متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب








توقيع داعي الشوق
 
  رد مع اقتباس
قديم 11-04-2010, 05:30 PM   رقم المشاركة : 9
نفحات حساسة
عصو شرف
 الصورة الرمزية نفحات حساسة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :نفحات حساسة غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب


يعطيك الف عافيه

وتسلم..







توقيع نفحات حساسة
 
  رد مع اقتباس
قديم 12-04-2010, 02:38 AM   رقم المشاركة : 10
زهرة اللوتس
عضو شرف
 الصورة الرمزية زهرة اللوتس






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :زهرة اللوتس غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انطباعات بعض الرحالة الغربيين عن عرب


موضوع رائع ومميز
تسلم ايدك
ويعطيك العافيه







توقيع زهرة اللوتس
 
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:54 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات الفطاحلة