الموضوع: ارم ذات العماد
عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-2007, 05:00 AM   رقم المشاركة : 4
الطائر المهاجر
** (عثمان العبدالله) ** المؤسس والمشرف العام
 الصورة الرمزية الطائر المهاجر





معلومات إضافية
  النقاط : 20
  الحالة : الطائر المهاجر متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ارم ذات العماد


ومدينة «أوبار» من أقدم وأشهر مدن شبه الجزيرة العربية (ربما تكون مدينة أوبار ـ كما يعتقد العديد من العلماء ـ هي مدينة «إرم» المذكورة في القرآن الكريم في قوله تعالى : {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد} ويصفها القرآن بأنها: {التي لم يخلق مثلها في البلاد} وتذكر كتب التفسير, ومعاجم البلدان عن هذه المدينة الكثير من الروايات, تحوي مبالغات كثيرة عن عظم تلك المدينة وفخامتها (أنظر على سبيل المثال: الروض المعطار في خبر الأقطار: ص 22 ـ 24) قال ابن كثير في تفسيره؛ 4/508: «وهذا كله من خرافات الإسرائيليين» ويبقى ـ بعد استبعاد مبالغات الرواة وتهويل القصاص ـ أنها مدينة عظيمة), شيدها شداد بن عاد في صحرائها الجنوبية, وبذل النفيس والغالي في بنائها لتكون جنة في الأرض, إذا جاز التعبير..

وكان لورانس العرب أول من حلم بتحديد مكان المدينة المفقودة, وأطلق اسم «أطلنتيس الصحراء» عليها, ولكن توفي قبل أن يحقق حلمه, ثم تبعه آخرون من الرحالة الذين انطلقوا في بعثات غير مثمرة عامي 1947 و1953, ومنهم الرحالى البريطاني «برترام توماس B.Thomas» الذي استند ـ أثناء رحلته الاستكشافية ـ إلى كلام البدو الذين زودوه بعدد من الإرشادات لإيجاد الطريق إلى «أوبار» ولكنه لم ينجح أبدا في العثور عليها.

وفي بداية الثمانينيات بدأ البحث الجدي عندما وقعت بين يدي صانع الأفلام الوثائقية الأمريكي «نيقولاس كلاب N.Clapp» ـ وهو من جملة من شغفوا باكتشاف المدينة ـ المذكرات التي كتبها توماس عام 1932, وتضمنت سيرته ومجموعة تقارير علمية عن الآثار في شبه الجزيرة العربية, وفيها يشير ـ مدعوما بالأدلة ـ إلى وجود طريق قديمة إلى «أوبار», وبالإضافة إلى ذلك جمع «كلاب» معلومات أكثر حول الموضوع من مراجع ووثائق تضمنت أسماء 600 مؤرخ وعالم جغرافي ورحالة أكدوا وجود «أوبار».

نتيجة لهذا الجهد النظري قرر «كلاب» تأليف فريق بحث مهمته الانطلاق في بعثة لمدة ثلاثة أشهر لحل لغز المدينة المفقودة, وضم الفريق, المحامي «جورج هدجز G.Hedges» المسؤول عن جمع المال والتبرعات لتمويل البعثة وتنظيم أمورها, وخبيرين في شؤون الجزيرة العربية, هما عالم الآثار المعروف «جوريس زارنز J.Zarins» الذي تولى تحليل المعلومات المتوفرة, والسير «رانولف فينيس R.Fiennes» الذي كان ضمن الوحدات العسكرية البريطانية التي ساعدت الجيش العماني عام 1968, وكان على دراية كبيرة بالمنطقة.

حصلت البعثة على دعم شخصي من السلطان قابوس ـ الذي بدا مغتبطا جدا للأمر ـ ومن وزارة التراث العمانية, التي تبنت الفكرة وقدمت للبعثة كل عون ورعاية, وكذلك من بنك عمان الدولي ومن شركة نفط عمان.

والجدير بالذكر أن أقدم الإشارات الجغرافية إلى «أوبار» وردت في خريطة جغرافية قديمة وضعها الجغرافي السكندري «كلوديوس بطليموس C.Ptolamy» وأشار إلى وجودها في منطقة تقع على مشارف الربع الخالي حاليا, وهي صحراء غير مطروقة واجتيازها محفوف بالمخاطر, وكانت أول زيارة للبعثة لهذه المنطقة المحظورة عام 1990, ولكنها ما لبثت أن غادرتها خوفا من الوقوع في المهالك

أما عملية البحث الجدي فبدأت في نوفمبر عام 1991, وفي أوائل 1992 ـ وبعد أن صرح «كلاب» بأنه بدأ يشعر بالفشل ـ جاء قرار البعثة بالتنقيب في منطقة «سشعر» في «ظفار», وكانت النتائج مشجعة, خاصة بعد أن تم دعم عملية الحفر باستخدام رادارات خاصة بالتربة الرملية تتغلغل في باطن الأرض.

وكان «كلاب» ـ قبل ذلك, وبالتحديد عام 1984 ـ قد طلب من عالمين في وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» مسح منطقة شبه الجزيرة العربية بواسطة رادار التصوير الفضائي المركب على مكوك الفضاء «تشالينجر» وبعد مقارنة صور المكوك مع صور أرسلها القمران الصناعيان «سبوت Spot» الفرنسي, و«لاندسات Landsat», أصبح بين يدي البعثة خريطة فريدة لمنطقة الربع الخالي, توضح طرق القوافل القديمة وخزانات المياه الجوفية ومجاري الأنهار القديمة والوديان, وكلها مناطق كان من الصعب جدا رؤيتها بالعين المجردة, إلا أنها ظهرت واضحة جلية بفضل تكنولوجيا التصوير الفضائي.

وقد أظهرت هذه الخريطة وجود طريق للقوافل مدفونة تحت الكثبان الرملية التي يصل ارتفاعها إلى 183م, وبالاستعانة بهذه المعلومات قررت البعثة الحفر قرب نقطة تقاطع طريق القوافل مع مكمن مائي قديم كشفت عنه الصور الفضائية, وهنا كانت الاكتشافات المدهشة.. قلعة محصنة مثمنة الأضلاع, ذات أبراج وجدران شاهقة يصل ارتفاعها إلى 10 أمتار, وتضم عددا من غرف التخزين وأماكن السكن.. وظهرت المدينة الأسطورية «أوبار».







توقيع الطائر المهاجر
 
  رد مع اقتباس