اللقاء الأخير
لقد شدني الحنين الى أرض الوطن, سنين طويلة وانا بعيدا عنه,, لقد اشتقت الى مائه وهوائه وسمائه,, اشتقت الى الخبز الطازج , اشتقت ال رائحة الياسمين وأحواض النعناع,, اشتقت الى الحارات ,,اشتقت الى أهلي وعشيرتي.الى كل شيء في بلدي ,, فكل شيء كان جميل..فهنالك النهار نهار والليل ليل والكلام كلام,,, سنين طويله وانا كل يوم أفكر بالسفر بالعودة بالرجوع,, لكنني كنت خائفا من الماضي,, خائفا أن تعودي الي آلامي وتتفتح جراحي بعد أن كادت تلتئم, لكن الى متى سوف ابقى هاربا أخاف أن تأكلني الغربه وأموت فيها قبل أن أرى وطني للمرة الأخيرة.. ان دورة الحياة لن تتوقف بهروبي فكل صباح يبتلع جزاء من العمر كل لحظة تذهب لا تعود, ولا بد من العوده قبل فوات الأوان....
هكذا بدأت رحلة العودة , ربطت حزام الامان واسترخيت على المقعد المخصص لي على أول رحلة متجهة ...........من.............,,,ل قد مرت الساعات ثقيله حتى وصلنا.. تنفست الصعداء وحمدت الله على سلامة الوصول.. عند وصولي قاعه القادمين,, كانت مليئة بالناس قبلات وابتسامات ومناديل بيضاء تجفف دموع اللقاء ودموع الفرح الا انا كنت وحيدا..لا أحد يمد لي يده أو يقدم لي باقة ورد كما كانت تفعل الغالية .. أخذت سيارة أجرة وذهبت الى بيتي الواقع غرب العاصمة كانت أختي في انتظاري, لم تمض ساعه على وصولي حتى رن جرس الهاتف, تناولت السماعة لأرد على الطالب واذا بصوتها يشق الضباب المتراكم حولي ويطل علي من خلال السماعة.. كانت مفاجأة لأني لم أكن أتوقع سماع صوتها..وفي لحظت أصابني شعور ممزوج بالحب والكره,,, بالحزن والفرح.... أخذت أسأل نفسي ماذا تريد مني هذه المرأة لماذا تلاحقني بعد أن خانت حبي.. هل كنت عليها ان تسمم حياتي من جديد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كنت مترددا في اعادة سماعة الهاتف الى موضعها لكن شيئا في أعماقي شذني الى سماع صوتها والحديث معها وهكذا بدأ الحواااااااااااااااااااااااااا ار:
-صباح الخير.
-صباح الخير .... من المتلكم؟؟؟
-يبدو أنك لم تعرف صوتي أو تناسيته..
-أنا الغالية ،، هل نسيتيني بهذه السرعة؟؟
-أي سرعة تتحدثين عنها ,, ثلاث سنوات على زواجك من رجل آخر كافية حتى ينسى الانسان اسمه..
-على كل حال حمدا لله على سلامه وصولك..
-شكرا جزيلا على هذه الجاملة ولكن كيف عرف بوصولي..
-لقد تعودت أن أسأل عليك كل يوم,, كنت أعرف أنك قادم ,, ولكنني لا اعرف متى ...
-....... أليس كل ما بينا قد انتهى..
-ممكن انتهى بالنسبة لك.. ولا اعتقد ذلك.. أما بالنسبة لي فلم ينته..
-أنا تعبان ولم يمض على وصولي ساعة اذا كان هناك شيء أفعله من أجلك فتفضلي فكلي أذان صاغية..
-أرى أن لهجتك أصبحت رسمية في الحديث معي,, خالية من الدفء والحنان كأننا أصبحنا غرباء ,,,, كأنك اتخذت قرار بالقطيعة..
-كل انسان حر في ما يتخذه من قرارت..
-ولكن قرارتنا يجب أن تكون مشتركه مثل مصيرنا..
-أنت التي بدأت القطيعه وخنت العهد والوعد وتزوجت من الرجل آخر دون سابق انذار تركتيني وحيدا طيلة السنوات الماضية أتلوى من العذاب والالم...
-بالله عليك كفاك تأنيبا وتعذيبا لي , الا تكفي رسالتك خلال السنوات الماضية كانت كلماتها سكاكين وخناجر تنغرس في جسدي لا تعرف كم كنت أتعذب وانا أقرأ كلماتك, لقد جفت دموعي من كثرة البكاء ورغم ذلك اعتذرت لك وكررت اعتذاري مرات ومرات لكل ما بدر مني , لكنك لا زلت تصدني وتجرح شعوري.. لقد تحملت هجرك وجفاءك واهمالك لي ولمشاعري لأني أحبك, ويعلم الله ما تحملته من الالم خلال الليالي والايام التي أعقبت فراقنا.. أنا مستعدة لارضائك واطاعتك في كل ما تأمرني فيه بما يرضي الله, لكن بدون المزيد من الاذلال , فأنا ما زلت بجاحة لك, بحاجة الى حبك, وعطفك لانك كنت ولا زلت كل شيء في حياتي......
-أنا آسف اذا بدر مني ما يسيء اليك فانا لم أقصد اهانتك أو اذلالك فلا داعي للبكاء كل ما أريد قوله أن ما بينا قد انتهى ولا داعي لأن نعود للماضي بكل ما فيه من ذكريات مؤلمة..
-ان هذا ما أشعر به من خلال حديثك وهذا ما يؤلمني ويعذبني..
-أنت التي اخترت طريق الالم والحزن والعذاب..
-كيف تقبل اعتذاري وما الذي يرضيك لتغفر لي؟؟؟؟؟؟؟؟؟
-ان قبول الاعتذار يعني السماح,,, ثم العودة الى ما كنا عليه وهذا لا أظنه سيحدث.
-ولم لا, وعهدي بك متسامح عطوف كريم, ذو قلب كبير مليء بالحب... أين كلمات العطر تنساب من شفتيك رقة وحنانا أين عهودك ووعودك ألست أنا حبك الاول والاخير ألست أنا المراة الوحيدة في حياتك..
-أنا لا أنكر انك كنت المراة الوحيدة في حياتي التي تسبح في خيالي في اليقظة والمنام في الصحو والاحلام في ختام الليل وختام النهار.. كان ذلك في الماضي أما الآن فقد مات كل شيء في داخلي ولم يبق غير الاحزان..
-معقولة أن يموت الماضي بذكرياته الجميلة ويندثر بهذه السهولة.. معقولة ان تموت عواطفك الملتهبة وأشواقك وحبك الكبير الذي كان جبلا لا يرى أحد قمته؟؟؟؟؟؟؟؟؟
-نعم معقول ثلاث سنوات والنيران تحاصرني من كل الاتجاهات حتى حرقت كل شيء في داخلي..
-أنا مثلك عشت سنوات العذاب لكني ما زلت أملك لك حبا لا يموت وحنينا لا ينام واحلاما لا حدود لها..
-لأنك تعيشين في الخيال..
-سامحك الله ولن أغضب منك لانك ما زلت طفلي المدلل لقد أطلت عليك الحديث وقبل انهاء المكالمة لي طلب عندك ,,,أرجو أن تعدني بتلبيته...
-اذا كان في استطاعتي , تفضلي..
-أريد أن أراك.......................... ..........
-رؤيتي........... هل انت مجنونه؟؟؟؟؟ الا يكفي حديثنا عبر الهاتف..
-نعم لا يكفي دعني أراك ولو مرة واحدة دعنا نلتقي ولنسمي هذا "اللقاء الاخير" نتذكر شبابنا وحبنا الذي رحل بدون رجعة, نعتذر عن كل الاساءات التي مارسناها دون قصد , نعيش ولو اللحظات ذكريات الماضي الجميلة..
-لا أستطيع ذلك فأنا.......................... .................... ..
-قبل أن تكمل حديثك لا أعتقد أنك خائف من هذه المقابلة فأنا أعرفك جيدًا.
-أنا لست خائفًا , لكن وقتي ضيق..
-لن آخذ من وقتك الكثير,,, نصف ساعه فقط..
-دعني أفكر بالأمر..
-لو سمحت أريد الجواب الآن,,,, ربما لن تسمح الظروف أن نتحاث ثانية..
-متى تريد ذلك؟؟؟؟
-أنت الذي تقرر كعهدي بك دائما...
-إذًا اتفقنا غدًا الساعة السابعة مساء..
-نحن في انتظارك ... مع السلامة..
-مع السلامة..
لم تمض دقائق على إنهاء المكالمة حتى شعري بسحابة من الحزن تسيطر على مشاعري وشلل موقت في تفكيري كل شيء في داخلي يهتز... بدأت ألوم نفسي على هذا التصرف الطائش,, كيف أوافق على لقائها وأنا الذي حصّنت نفسي وجمّدت عواطفي وأقسمت أن لا أراها طيلة حياتي ..هل اهتزت مشاعري بعد سماع صوتها وعاودني الحنين والشوق اليها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هل عادت أجراس الحب تدق ثانية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ علمًا بأنني لم أشعر بتلك الفرحة في الحديث معها ولا بتلك النشوة التي طالما غرزت وجداني عند سماع صوتها,, رغم هذا الشعور كنت أتمنى أن لا ينتهي حديثنا.. على الرغم من هذه المشاعر المتضاربة سوف أقابلها لأني وعدتها بذلك لمجرد الفضول ولسماع ما ستقوله.. هذه المرة سوف أكون أكثر صلابة ولن تهزني دموعها ولا توسلاتها ولن أقبل اعتذارها .. سوف يكون هذا اللقاء هو اللقاء الأخير,, سأنهي علاقتي معها وإلى الأبد,, ولكن وديًا.. فأنا لست من يمتلئ قلبة حقدًا وكراهية لإنسانة كانلها مكانه كبيرة في قلبي وكان يربطني بها حب سوف تتحدث عنه الأجيال ,,لقد كانت في إحدى الأيام كل شيء في حياتي..في اليوم التالي وقبل الموعد توجهت إلى محل الزهور القريب من بيتي وأخذت باقة ورد حمراء كبيرة كعادتي ..
لقد توجهنا إلى بيتها والذي يقع خارج حدود العاصمة , يتوسط حديقة صغيرة تملؤها أحواض الزهور وأشجار الفاكهة.. لقد تغيرت معالم الطريق حيث امتلأت بالمباني والبيوت الحديثة.. عند اقترابنا من البيت أخذ قلبي يخفق بشدة وارتفعت دقاته وبدأالعرق يتصبب من جبهتني وكل أنحاء جسمي كأنني سألقاها لأول مرة..عند وصولنا كانت بإنتظاري عند مدخل البيت .. وعندما اقتربت منها كان بودي أن أضمها إلى صدري وأمطرها بقبلاتي سلمت عليها من بعيد وقدمت لها باقة الورد ..
رغم مرور سنين طويلة ما زلت تحتفظ بجزء كبير من جمالها,, حاولت في هذا اللقاء أن يكون صوة من الماضي,, فها هي نفس الابتسامه ونفس سحر عينيها وبريقها ...
ما زلت كلماتها وابتسامتها عذبة شهية كالسابق وعطر القرنفل يفوح منها ,, دخلنا إلى البيت من خلال الحديقة التي تتصدر المدخل والتي تفوح منها رائحة الورد والفل والياسمين .
جلستُ على مقعدي المعتاد بينما جلستْ أمامي كالسابق تحتضن وجهها الناعم بكفيها وكل منا ينظر إلى الآخر , يقرأ ما بدخله دون أن ننطق بكلمة واحدة..لقد اضطرب كياني وشعرت بشيء من الجرح وأنا أنظر إليها .
حاولت أن أكسر هذا الجمود وأدخل في الوضوع مباشرة قلتُ لها:
• ها أنا يا سيدتي لبيت دعوتك وحضرت إلى بيتك حسب الإتفاق ,, تفضلي أنا بين يديك ورهن إشارتك ماذا تريدين مني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
• شكراً لكرمك,, لكن دعني أتأملك , لقد انتظرت هذه اللحظة سنين طويلة فلا تحرمني من هذه اللذة.. ها أنت على بعد خطوات مني عيناك تناديني..... تشعلني........تطفئني....... أنا لا أصدق نفسي هل أنا في حلم,, كانت أمنيتي أن أراك ولو مرة واحدة وقد استجا ب الله لدعائي.. ها أنت الآن أمامي أراك, أتحسس ملامحك وأنت تشرب قهوتك,, كل شيء فيك جميل ..إلاّ هذه الابتسامه الحزينة خلف ملامح وجهك..
• لقد غيرتك سنين يا غالية وأصبحت شاعرة وأنا لا أدري.. أنظري إليّ جيدا, فأنا لم أعد ذلك الشاب الوسيم الذي يتدفق حيوية ونشاطاً ولم يعد بريق عيني كما تصفيه.
• مع بدايات حبي كنت أحس بالشاب والقوة والحيوي, أما الآن فأنا أفقد هذا الزخم رويداً رويداً..أفقد روح الشباب والمغامرة وأستسلم لليأس, هادئ حزين ناعم كغبار أول عاصفة وصوت أول ريح.أشعر أنني مكسور كغضن يابس, موجوع كغزال جريح,, لا كوكب يشرب نخبي ولا يد ترتفع بتحية ولا علم ينكس من أجلي ولا مرايا تعكس وجهي , ولا أضوء ولا أصحاب ولا أهل ولا أصدقاء, هكذا جنازة تمشي بالطريق, فلا يلتفت إليها الناس إلاّ إلتفاتة عابرة..
• أنت تبالغ,, فلا زلت أراك زين الشاب وفارس الفرسان....أنا أراك بقلبي وليس بعيوني, فما زلت في نظري ذلك الشاب الوسيم الذي يمتلئ قلبه حباً ودفئاً,,أنظر إلى نفسك كما أنظر إليك,, أنا أيضا لم أعد تلك الفتاة التي كنت تلفُ حولها أزهارك,, وتطوقها بعقود الفل والياسمين.. وغم كل ذلك فلا زلت أتمسك بالأمل وأنظر إلى الحياة من وجهها المشرق كما علمتني...
• أنت أيضاً تبالغين,,,صدقيني بأنك ازدت نضوجاً ورقة وجمالاً,فما زلت صبية في عمر الورود وما زال جمالك يشع كالشموش فوق الروابي وما زالت خطواتك نغم يقرع في أذان الرجال..
• وأنت أيضاً ازددت رجولة وهيبة ووقارا,, لولا هذا الرماد الأسود الذي يملأ قلبك ويسيطر عليك..يجب أن تعرف أن هناك أحزانا أكثر من حزنك,, وهناك ضائعون أكثر ضياعاً منك.. تذكر أنك لست وحيدا مكسور الخاطر ولست وحيداً في الهجر ولست وحيداً تعاني صرختك المخنوقة بين راحتيك..
• ما زال كلامك عذباً شهياً ولذيذاً كما عهدته..
• هل أعتبر هذا غزلاً؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
• اعتبريه كما تشائين..
• أريد أن أسألكَ بدون إحراج, هل ما زلت تحبني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟
• أنا لا أنكر أنه ما زال لك مكان كبير في قلبي , أما الحب فقد كبر وشاخ..بهذه الكلمات أغلقت الستارة عن الجزء الأخير من قصة هذا الحب ,, لقد جمعنا القدر صدفة وفرقنا صدفة.. شددت على يدها مودّعاً وقلبتها ولكن هذه المرة من جبينها.. لقد كانت لحظة الوداع هذه مرّه وقاسية , حيث لم نستطع أن نحبس عبراتها في تلك اللحظة ,,أنت الآن قل وداعاً, أما أنا فلن أقول ولن استسلم , سوف أكتب إسمك على جرحي وسيبقى صوتك الخاقت دواء لوجعي, سوف أبقى أحلم بك وأكتب لك وأنت بعيداً عني سوف تبقى عطراً مزروعاً في كفي وفي قلبي وفي ذاكرتي, سوف أبقى سجينه في قلبك حزينه لفراقك,,سوف تبقى دائي ودوائي , أهرب منك إليك وأشكو لك عنك وأصرخ منك فيك..فالهروب منك مستحيل ................... سأظل أنتظرك وسأظل أحبك حتى الموت .. دعنا نطوي هذه الصفحة المحزنة المفرحة من حياتنا مؤقتاً والتي عشناها بكل جوارحنا ونتظر الأيام.........وإلى أن نلتقي ...........سأظل أحبك.؟؟؟؟؟؟؟
لكم تحياتي.....................
منقووووووووووووووووووووووووووو ل
17-02-2006, 11:14 PM
اللقاء الأخير..قصة واقعية
